هل تطمح بأن تكون شخصاً لا غنى عنه لأصحاب العمل في المستقبل؟ حتى تصل إلى هذه النتيجة تحتاج لمهارات خاصة لا تتوفر في غيرك في ظل سوق عمل يشهد منافسة شديدة على مستوى العالم، وهي ليست مجرد مهارات تقنية تحتاج إلى تنميتها، بل هناك مهارات ذاتية وشخصية ينبغي أيضاً العمل عليها وتطويرها.
من المستحيل توقع بدقة كيف سيكون شكل العالم في عام 2030، ولكن لدينا بعض التوقعات المثيرة للاهتمام.
وفقاً لشركة "ديل" (Dell) الأمريكية المتخصّصة في مجالات الحاسوب والتكنولوجيا، فإنّ 85% من الموظفين والعاملين اليوم سوف يقومون بوظائف لم توجد بعد.
"لن تملك شيئاً وستكون سعيداً!" كان هذا أحد توقعات المنتدى الاقتصادي العالمي لمستقبلنا في عام 2030، وأتت هذه التوقعات في مقطع فيديو نشره المنتدى على موقع "يوتيوب" (Youtube). والمقصود بهذه العبارة هو أن جميع المنتجات والسلع ستتحول إلى خدمات للإيجار، بما فيها الملابس حتى أدوات الطهي، والتي ستصل إلينا "بكل سهولة" إلى منازلنا عن طريق طائرات الدرون، وفقاً لرؤية المنتدى الاقتصادي العالمي.
قد يبدو الأمر وكأن الطريق إلى المستقبل طويلاً جداً، ولكن بالنسبة لطلاب الثانوية في عام 2023، سيكون عام 2030 هو العام الذي يتخرجون فيه. ولذلك يجب أن نكون مستعدين لاستكشاف وظائف جديدة والتفكير بشكل إبداعي في إمكانياتنا المستقبلية.
يلقي الصفحي برنارد مار المتخصّص في شؤون الأعمال بموقع "فوربس" (Forbes) الضوء على بعض أهم المهارات التي سيطلبها أصحاب العمل في السنوات العشر القادمة، نذكر منها:
1 – محو الأمية الرقمية:
وفقاً للمنتدى الاقتصادي العالمي، فإنّ أكثر من نصف الوظائف التي سنقوم بها عام 2030 تتطلب فهم التكنولوجيا الرقمية. وهذا يعني أن الطلب على الأشخاص القادرين على استخدام الأدوات والمنصات الرقمية سيكون مطلوباً بشكلٍ متزايد. وينبغي الإشارة إلى أن أولئك الذين يفتقرون إلى المعرفة الرقمية سيكونون في وضع صعب جداً عندما يتعلق الأمر بالتنافس على الوظائف وفرص الأعمال بحلول عام 2030، أياً كان المسار الوظيفي الذي يقرّرون اتباعه.
2 – العمل المعزّز
ينطوي العمل المعزّز على تطوير القدرة على استخدام الأتمتة لتعزيز مهاراتك وقدراتك. قد يتضمن ذلك تعلم كيفية استخدام الذكاء الاصطناعي لأتمتة المهام الروتينية والبسيطة في عملك، مما يوفر الوقت للتركيز على الجوانب الأكثر تعقيداً. يساهم العمل المعزّز في تحسين تجربة المستخدم وتوسيع إمكانيات التفاعل مع العالم المحيط، ويعد واحداً من التطورات البارزة في مجال التكنولوجيا التفاعلية والواقع المعزّز.
3 – العمل المستدام:
لا يمكن للعالم أن يحقق أهدافه الخضراء التي ستاعد في حماية البيئة، ويتجنب كارثة مناخية ما لم تخصّص الشركات موارد كبيرة لتنظيم شؤونها البيئية. وهذا يعني ضرورة تقليل النفايات وإعادة التدوير، عندما يكون ذلك ممكناً، والانتقال إلى مصادر الطاقة المستدامة، والحد من التلوث وانبعاثات الكربون. وبحلول عام 2030، من المتوقع ربما على الجميع أن يلعبوا دوراً في هذا الصدد، بغض النظر عن موقعهم أو مسؤولياتهم. فبغض النظر عن وظيفتك، إذا أظهرت لصاحب العمل المحتمل أنك ستقوم بعملك بطريقة مسؤولة بيئياً أكثر من المرشح الآخر، فستكون لديك فرصة أعلى للحصول على الوظيفة.
4 – التفكير النقدي والتحليل
في عصر الأخبار المزيفة والإشاعات، وفقاعات وسائل التواصل الاجتماعي، والكم الهائل من المعلومات في الشبكة، يتصدر التفكير النقدي قائمة المهارات الأكثر أهمية للنجاح.
يتعيّن علينا تنمية القدرة على تحليل وتقييم كل شيء، بدءاً من الآراء إلى الخطط، واستخدام مهارات التفكير النقدي لتحديد ما إذا كانت المعلومات ذات قيمة أم يجب التخلص منها. مثل معظم المهارات التي نناقشها هنا، فمن غير المرجح أن تتم أتمتتها قريباً - فقد لا يكون الذكاء الاصطناعي قادراً بالضرورة على تحديد ما إذا كانت الأخبار مزيفة أم حقيقية، على سبيل المثال. وبالتالي، ستظل هذه المهارة مطلوبة من قبل أصحاب العمل في العقد المقبل وما بعده.
5 – تحليل البيانات
في ظل تزايد استخدام البيانات في جميع الصناعات، يتم توليد كميات كبيرة من البيانات المهمة والمتنوعة. بحلول عام 2030، من المتوقع منا جميعاً أن نفهم كيف تؤثر البيانات على أدوارنا ومسؤولياتنا. وبالإضافة إلى معرفة أين نجد المعلومات التي نحتاجها والأدوات التي يمكننا استخدامها لتحليلها، يُتوقع منا أن نفهم القواعد واللوائح التي يجب اتباعها للتعامل مع البيانات بشكل عادل وأخلاقي. إنّ تعلم كيفية استخدام تدفق المعلومات للقيام بوظائفنا بفعّالية سيكون على رأس قائمة المهارات التي يبحث عنها أصحاب العمل في عام 2030.
6 – منصات العمل التعاونية الإفتراضية
تتغير الطريقة التي نعمل بها بشكلٍ مستمر، وبات نظام العمل التقليدي (العمل من المكاتب من التاسعة إلى الخامسة) غير مهم أو غير ضروري بالنسبة للعديد من العمال والموظفين. وهذا يعني أننا أصبحنا نعتمد بشكلٍ متزايد على أدوات العمل عبر الإنترنت للقيام بالمهام التي تتطلب العمل الجماعي والتعاون.
يتطلب التعاون عن بُعد مجموعة متنوعة من المهارات التي تختلف تماماً عن التواجد الشخصي في مكتب أو غرفة الاجتماعات، وتظهر أدوات جديدة لتلبية هذه التحديات المتغيرة. بحلول عام 2030، قد نكون معتادين على العمل في الواقع الافتراضي أو في عالم الميتافيرس. ستكون لدينا فرصة لأداء أدوارنا كأعضاء في فرق عبر هذه البيئات الجديدة، وأولئك الذين يمتلكون القدرة على العمل الجماعي والتفاعل بين المجموعات في هذه البيئات في مقدمة المرشحين الذين يبحث عنهم أصحاب العمل.
7 – التفكير الإبداعي
في عام 2030، ستكون القدرة على اكتشاف طرق جديدة للقيام بالأشياء وحل المشكلات بطرق مبتكرة وخيالية أمراً حاسماً في العديد من المهن. فمع تقدم التكنولوجيا، من غير المرجح أن يكون الذكاء الاصطناعي قادراً على تولي هذه المهام بالكامل. ستتسم الشركات والمؤسسات بوتيرة التغيير المتسارع، والتي يدفعها التحول الرقمي، مما يعني أنها ستواجه تحديات جديدة وغير مألوفة. وبالتالي، ستكون القدرة على التفكير "خارج الصندوق" ضرورية لتطوير حلول مبتكرة لهذه التحديات المستجدة. يتعيّن على الأفراد القادرين على تصور وتخيل كيفية تغيير الأشياء نحو الأفضل أن يكونوا حاضرين وضروريين في هذا السياق المتغير والمتسارع.
8 – الذكاء العاطفي
الذكاء العاطفي هو القدرة على التعبير عن عواطفنا والتحكم فيها، ويدرك الشخص الذكي عاطفياً كيف تؤثر عواطفه على سلوكه، ويؤثر هو على الآخرين من حوله، ويمكنه إدارة هذه المشاعر وفقاً لذلك، وهنا يُدخل التعاطف والقدرة على رؤية العالم من منظور شخص آخر كعنصر أساسي في الذكاء العاطفي.
الذكاء العاطفي ليست سمة شخصية، وإنما مجموعة من المهارات التي يمكن صقلها وتطويرها لكي تصبح أفضل في فهم كيفية تأثير الاستجابات العاطفية للفرد على قدراته وطريقة عمله.
9 – التعلّم المستمر
بسبب التطورات التكنولوجية السريعة والتغيرات الاقتصادية والاجتماعية، تغير مفهوم "الوظيفة المدى الحياة" على مر السنين. لم يعد من الممكن الاعتماد على وظيفة واحدة لمدة طويلة بعد الانتهاء من التعليم. التقدم التكنولوجي يؤدي إلى تغييرات في الصناعات وظهور وظائف جديدة، في حين أن التحولات الاقتصادية والاجتماعية تؤثر في احتياجات سوق العمل.
اليوم، يتطلب سوق العمل الحديث التكيّف والتعلّم المستمر. يجب على الأفراد اكتساب مهارات جديدة وتطوير قدراتهم لمواكبة التغيرات والابتكارات التكنولوجية. يصبح التعلّم المستمر والتطوير المهني ضرورة للحفاظ على تنافسية ونجاح مهني مستدام.
10 – مهارات القيادة
كما ذكرنا أعلاه، يمكن للآلات أن تؤدي المهام الروتينية بشكل ممتاز واتخاذ القرارات الدقيقة في لحظة، إلّا أن هناك شيء واحد لا تستطيع الآلات فعله بشكلٍ مُتقن، وهو إلهام الناس!
مهارات القيادة ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالقدرة على إلهام الآخرين، وذلك يتطلب مجموعة من المهارات الخاصة التي تساعد على تحفيز الأفراد وجعلهم يطلقون أفضل إمكاناتهم. وتشمل القيادة الفعّالة قدرة الفرد على تحديد نقاط القوة والضعف لإبراز أفضل ما في الآخرين. سواء كنت تدير مشروعاً صغيراً، أو فريقاً، أو قسماً، أو شركة بأكملها، فإن مهارات القيادة تعتمد على مجموعة متنوعة من المهارات التي تمت مناقشتها في هذا المقال، مثل حل المشكلات، والذكاء العاطفي، والإبداع، لتوجيه الآخرين في رحلة النجاح.
باختصار، مهارات القيادة تلعب دوراً حاسماً في تحقيق النجاح الشخصي والمهني، وفي توجيه الفرق والمنظمات نحو النجاح والتطور. إنها أداة قوية لتحقيق التغيير والتأثير الإيجابي في العالم المحيط.
ترجمة بيتنا أونلاين؛ المقال مترجم بتعديل من https://shorturl.at/noBE3