يتغيّر سوق العمل بسرعة كبيرة، حيث إنّ للتكنولوجيا دور كبير في تغيير طبيعة العمل، وإحداث تحول في المهارات والقدرات التي يحتاجها الموظفون الحديثون للنجاح. يُقدّر تقرير حديث نشرته شركة IBM أنّ 120 مليون شخص حول العالم سيحتاجون إلى إعادة التدريب بسبب التكنولوجيا الجديدة. بكلمات أخرى، المهارات التي يمتلكها العديد من الموظفين اليوم لن تكون كافية في السنوات الخمس إلى العشر القادمة.
قد يُمثّل هذا الأمر معضلة كبيرة لأصحاب العمل، في حين يتساءل صاحب العمل كيف يختار الموظف المناسب لفريقه عندما لا تكون احتياجات اليوم هي نفسها احتياجات الغد والمستقبل.
بالنسبة للعديد من المؤسسات والشركات، يكمن الحل في تغيير الطريقة التي نُقدّر بها أنواع المهارات المختلفة. نحن نشهد تحولاً عاماً بعيداً عن المهارات التقنية، وزيادة التوجُّه أكثر لإعطاء الأولوية للمهارات الشخصية.
ما هي المهارة الاجتماعيّة الشخصيّة الأهم والتي يجب أن يتسم بها الجميع؟ القدرة على التكيُّف. وفقاً للتقرير نفسه حدّد المدراء التنفيذيون في جميع أنحاء العالم قابلية التكيف على أنّها السمة المرغوبة في أي موظف محتمل. وهذا يعني أنّ الشركات تدرك الحاجة إلى مواجهة التغييرات الكبيرة في مكان العمل، وأنها تُغيّر أولوياتها في اختيار الموظفين وفق قدرتهم على تلبية تلك الاحتياجات الجديدة.
ماذا تعني القدرة على التكيُّف؟
القدرة على التكيف هي القدرة على التأقلم والتماشي سريعاً مع الظروف الجديدة. في سياق العمل، يمكن للموظف القابل للتكيف التكيف والتأقلم مع العديد من التغييرات التي قد تُطرَح عليه طوال فترة عمله.
إنّ الموظفين القادرين على التكيُّف ليسوا فقط قابلين للتدريب، ولكنّهم حريصون أيضاً على التعلُّم. كما ويظهرون القدرة على التعلم بسرعة ولا يقاومون التغيير بإفراط، وهم أيضاً قادرون على إيجاد طرق للمساهمة في الشركة بطرق جديدة ومختلفة والاستفادة من التغييرات من حولهم.
من الأمثلة على هذه التغييرات انتقال الشركة للعمل على برنامج جديد، أو تشغيل قطعة جديدة من الآلات، ورُبّما تخضع الشركة لعملية إعادة هيكلة، أو قد تحتاج المهام الوظيفيّة إلى التحوُّل عندما تبدأ التكنولوجيا في استبدال بعض المهام اليدوية التي اعتاد الناس فعلها بأيديهم. يستطيع الموظفون القابلون للتكيف التأقلم مع هذه الظروف الجديدة وتحقيق الاستفادة القصوى منها.
كيف تُحدّد المرشحين القابلين للتكيُّف؟
السؤال المهم هو: "كيف تعرف ما إذا كان شخص ما قابلاً للتكيف قبل أن توظفه؟ قد يُعدّ الأمر تنبؤاً، حيث عليك أن تتوقّع كيف سيتفاعل شخص ما مع التغييرات التي لم تحدث بعد.
ولكن اتضح أنّ القدرة على التكيف مرتبطة بالعديد من الصفات الأخرى التي يمكن قياسها والتنبؤ بالأداء الوظيفي، والتي من أهمها: الكفاءة المعرفية.
تُعرّف الكفاءة المعرفية بأنّها القدرة على التفكير النقدي، وحل المشكلات، وتعلم مهارات جديدة، وفهم المعلومات الجديدة وتطبيقها. إنّها في جوهرها تعتمد على مدى قدرة الشخص على استيعاب المعلومات وتطبيقها بطرق جديدة ومختلفة، على أن يتجاوز فكرة استرجاع المعرفة المحفوظة فقط، أو إتقان مهمة متكررة.
تُعدّ الكفاءة المعرفية جيدة لا سيّما في التنبؤ بمدى جودة تدريب شخص ما أو قابليته للتدريب، وهو أمر أساسي للموظفين للتكيف مع التغييرات التكنولوجيّة. مع وضع كل ما ذُكر في الحسبان، فليس غريباً أن تكون تقييمات الكفاءة المعرفية واحدة من أفضل أدوات التنبؤ بالأداء الوظيفي عموماً، وأكثر توقعاً بكثير من الخبرة الوظيفية أو المقابلات.
ومع ذلك، يمكن أن تكون المقابلات طريقة أخرى لقياس قدرة الشخص على التكيف بشكل غير مباشر. إذا كانت القدرة على التكيف سمة تقدرها شركتك بشكل كبير، فيمكنك دمج بضعة أسئلة تهدف إلى تقييم هذه السمة في المرشحين. ضع في حسبانك طرح الأسئلة التي تُقيّم قدرة المرشح على التعامل مع الظروف غير المتوقعة، أو تعلم أدوات جديدة، أو التوصل إلى حلول جديدة لمواجهة التغيير.
في النهاية، يتطلب إيجاد موظفين قابلين للتكيف أن يكون أصحاب العمل هم أنفسهم قادرين على التكيف. من خلال تغيير ما تحدده من أولويات في مجموعة المرشحين الخاصة بك، يمكنك البدء في تحديد هؤلاء الأشخاص الذين يظهرون إمكانات ربما تكون قد أغفلتها في الماضي.
ترجمة هديل البكري؛ المقال مترجم من Adaptability: Why You Want Job Candidates with this Key Quality