تأثير حملات المُناصرة في إشراك المرأة في الشأن العام - دراسة بحثية

عفاف جقمور


تاريخ النشر 2021-10-15

عدد المشاهدات 601

أقل من دقيقة للقراءة

تأثير حملات المُناصرة في إشراك المرأة في الشأن العام - دراسة بحثية

الباب الأول: حملات المناصرة    

الفصل الأول: ما هي حملات المناصرة التي استهدفت إشراك المرأة في الشأن العام؟ 

الفصل الثاني: ما هي أدوات التأثير؟

الفصل الثالث: ما هو دور الجهات الخارجية؟

الباب الثاني: نساء مشاركات

الفصل الأول: ما هي نسبة الزيادة؟ وما أسبابها؟

الفصل الثاني: جربن المشاركة فما هي النتيجة؟

الفصل الثالث: أسباب الانسحابات.

الفصل الرابع: ما هو تأثير السلاح؟

الباب الثالث: مستقبل المشاركة

الفصل الأول: كيف يمكن تشجيع النساء على المشاركة؟

الفصل الثاني: هل الكوتا حل جيد؟

الفصل الثالث: هل هناك دور مستقبلي للنساء في سوريا؟

الباب الرابع: الأرقام وتحليلات، كيف ينظر الجمهور لعمل المرأة؟

الباب الخامس: ماذا قالوا؟

 

مقدمة البحث:

منذ بدء الحراك الشعبي 2011 م شاركت المرأة في نشاطات مختلفة، في الاحتجاجات السلمية، في الرسوم الجدارية الغرافيتي، في الإعلام والصحة وكثير من المجالات.

لكنها بعد سنوات تراجع دورها بشكل ملحوظ وعند بدء العمل السياسي كانت نسبة تمثيلها لا تتجاوز 10% في الأجسام السياسية رغم وجودها بما يقارب 45% من المجتمع حسب أحدث الإحصائيات.

مع بدء محادثات السلام مع دول متعددة لوحظت هذه الفجوة التي تتناقض مع قانون 1325 م الصادر من مجلس الأمن والخاص بمشاركة المرأة والموقع عليه عام 2000م.

وتشير تقارير الأمم المتحدة إلى أنّه "اعتبارا من أغسطس عام 2015م، لم يكن هناك سوى 22 في المائة من جميع البرلمانيين الوطنيين هم من الإناث في العالم كلّه وهو ارتفاع بطيء من 11.3 في المائة عام 1995

ومع تدنّي هذه النسبة عملت أطراف دوليّة متعددة حملات مناصرة من أجل رفع النسبة وإشراك عدد أكبر من النّساء.

وجدير بالذكر أن المرأة السورية من أوائل الدول التي نالت حقها بالمشاركة في الشأن العام عام 1949 م حين نالت حقّها بالتصويت، لكن مشاركتها كانت متعثرة لأسباب مختلفة منها اجتماعية ومنها شخصية وسندرس في هذا البحث أسباب التراجع وأثر حملات المناصرة التي استهدفت رفع نسبة التمثيل.

مشكلة البحث:

رغم عمل المرأة في بدايات الحراك السلمي إلا أنّ دورها تراجع في العمل السياسي مع بدء جولات التفاوض وبناء التحالفات، قامت حملات مناصرة متعدّدة من أجل رفع هذه النسبة وأدت إلى نتائج إيجابية وسلبية في المجتمع، ولكنّها رفعت من نسبة التمثيل في النهاية، ماهي الأثار الإيجابية والسلبية التي تركتها وماهي الأساليب التي يمكن تداركها من أجل حملات أخرى أكثر فعاليّة.

أهداف البحث:

  • - معرفة أسباب تغيرات مشاركة المرأة خلال 10 سنوات.
  • - معرفة الطرق الفعّالة لإشراك المرأة بالشأن العام.
  • - معرفة أسباب الصراعات المجتمعية حول إشراك المجتمع وطرق تلافيها.

إلى من يوجّه البحث:

  • - المنظمّات النّسائية.
  • - منظمّات المجتمع المدني.
  • - المجالس المحلية.
  • - التشكيلات السياسية.
  • - التشكيلات الإعلامية.
  • - وسائل الإعلام المحليّة.
  • - الكتّاب والصحفيين.

إطار البحث: 

  • - الإطار الزماني: من 2011م إلى 2021م.
  • - الإطار المكاني: سوريا بمكوناتها المختلفة.

مصطلحات البحث:

الشّأن العام: 

أي عمل يؤثر في عدد كبير من الناّس ولا سيما المتعلق بالقوانين والسلطات الثلاثة (التشريعيّة والتنفيذيّة والقضائيّة) والعمليات السياسيّة التي تسبقها والتفاوضات المتعلقة بها.

حملات المناصرة:

عملية منظمة تتكون من نشاطات مختلفة ومتتابعة لـتحقيق هدف في إطار زمني محدد.

تساؤلات البحث:

  • - ما هي الأثار التي تركتها حملات المناصرة في مشاركة المرأة بالشّأن العام؟
  • - ما هي أسباب انسحاب النّساء من المشاركة؟
  • - ما هو دور الجهات الخارجية في الحملات؟
  • - ما هي نسبة الزّيادة في مشاركة المرأة؟
  • - كيف يمكن تشجيع النّساء على المشاركة؟
  • - ما هو الدور المتوقع للنّساء في مستقبل سوريا؟

الأدوات البحثية:

المقابلة:

قمت بإجراء 8 مقابلات 2 منهم رجال و6 نساء من تيارات مختلفة من العاملين والعاملات في الشّأن العام في مناطق مختلفة من سوريا أيضاً، وجهت لهم أسئلة متشابهة في بعضها ومختلفة في البعض الآخر حسب عمل كل منهم.

  • - أحمد العبسي صحفي ومدير جريّدة حبر.
  • - خبير في الشّأن السوري ميسِّر لاجتماعات 89+دولية أثناء عمليّة التفاوض.
  • - ربا حبوش النّائبة في الائتلاف السّوري المعارض.
  • - كندة حواصلي باحثة ومشاركة في حملات مناصرة متعدّدة.
  • - نيفين حوتري رئيسة مجلس الإدارة في وحدة دعم وتمكين المرأة.
  • - عابدة العظم باحثة وأستاذة في الفقه الإسلامي ومهتمة بقضايا المرأة.
  • - نور صحفية مشاركة في منظمات المجتمع المدني.
  • - عضوة تقنية في أحد التشكيلات السياسيّة.

الاستبيان: 

قمت بإجراء استبيان ل 184 شخص منهم 107 من النّساء و77 من الرّجال طرحنا أسئلة متناسبة مع كل جنس في أنحاء متعدّدة من سوريا.

العيّنة البحثية:

عاملين وعاملات في الشّأن العام من الرّجال والنّساء بمستويات متعدّدة سواء في المقابلة أو في الاستبيان.

دراسات سابقة:

دراسة صحيفة حبر "استعادة التوازن" حول مشاركة المرأة في المجال الإداري والسياسي (2021)

شملت استطلاعات رأي ومقابلات لرجال ونساء يشغلون أماكن فعّالة في المجالات التي تعرضت لها الدراسة، ومن أبرز نتائج استطلاع الرأيّ فيها:

  • - معظم الشّريحة المسّتطلعة يدعمون وجود المرأة في العمل الإداري والسّياسي وحوالي الثلث منهم مستعدون لمناصرتها بشكل مباشر من أجل ذلك.
  • - أكثر من النصف يؤيدون الكوتا للنّساء.
  • - كل النّسب إيجابية النّساء تجاه القضيّة أكثر من الرّجال.
  • - في قضية وصول المرأة لمناصب قياديّة هناك تحفّظ عند الرّجال أكثر من النّساء، مع وجود نسبة 40% من النساء لا تفضّل تقلّد المرأة مناصب عليا.

مشاركة المرأة السّورية في المجال السّياسي "ضياء الشّامي" (2018م)

وتحتوي على دراسة تاريخية وتحليلية لمشاركة المرأة السّياسية وسبل تطويرها، قام بها مركز عمران للدراسات، ومن أبرز النتائج التي أنتجتها:

  • - تجربة العمل السّياسي النّسائي تجربة وليدة إلّا أنّها حققت في فترة ما بعد الثّورة السّورية قفزة هامة لاسيّما فيما يرتبط بتصدير النّساء إلى مراكز صناعة القرار بعد مرحلة تهميش امتدت لعقود.
  • - كانت تجربة العمل النّسائي السّياسي عموماً ضمن أجسام المعارضة أقل فعاليّة من تجربتها خلال المفاوضات.
  • - قامت أغلب التجمعات النّسائية بتشجيعٍ من المجتمع الدولي بالمشاركة في استحقاقات سياسية مما جعلها تخرج للعلن على عجل.
  • - يمكن ربط مؤشرات ضعف الحركة السّياسية النّسوية بضعف ديناميات العمل السّياسي عموماً وافتقارها القدرة على التأثير.
  • - أوصت الدّراسة بحزمة من الإجراءات التي من شأنها دفع الحركة النّسوية باتجاه تطوير أدائها وبنائها.

 

الباب الأوّل: حملات المناصرة         

الفصل الأول: ما هي حملات المناصرة التي استهدفت إشراك المرأة في الشّأن العام؟ 

تعرف حملات المناصرة بأنّها سلسلة من النّشاطات تهدف إلى تأثير مجتمعي وهي تتشابه مع الصحافة التي تهدف إلى إحداث تأثير في الرّأي العام، لكنّ المناصرة أكثر عمقاً إذ تهدف إلى اتخاذ الجمهور لفعل ما، وهي مرحلة تتقارب فيها مع الدراسات في الإعلان الذي يدرس مراحل تغيير سلوك المستهدف وليس تغيير رأيه فقط بشكل مجرد فهو قائم على فعل الفرد في المجموعة وليس المرسل فقط كما الصّحافة.

سألت مجموعة من الذين قابلتهم حول حملات المناصرة النّاجحة برأيهم وحملات المناصرة النّاجحة التي استهدفت النّساء من أجل إشراكهم في الشّأن العام وكانت لديهم أراء مختلفة حسب خلفياتهم من عمل وتجارب.

  • الحملة أن يتحدّث الناس.

الصحفية نور العاملة في دمشق ترى أنّ الحملة النّاجحة هي "التي تترك النّاس يتحدثون"، وهي بذلك تقترب من تعريف الخبر، وترى نور أنّ الحملة ممكن أنّ تكون في السوشال ميديا أو على منابر إعلامية لا فرق فالحملة الحقيقية تكون عندما يكون هناك إقبال وحديث في المجموعات وبين النّاس ولم يكن مطروحاً من قبل سواء كان الحديث يتناول الموضوع بشكل سلبي أو إيجابي وبالتّالي استثارت اهتمامهم وحركت الركود حول الموضوع، وتضيف أنّها شاركت مؤخراً بحملة مناصرة أثناء كورونا ركزوا فيها على النّساء العاملات والعنف الذي يتعرضون له خلال الحجر والأثر النفسي على العاملات، ولاقت الحملة تفاعلاً واسعاً.

  • الحمّلة النّاجحة تعرف جمهورها.

الصحفي أحمد العبسي مدير جريدة حبر يقول إن حملة المناصرة الجيدة هي الحملة التي تدرس الفئة المستهدفة بشكل متقن "كي تكون الحملة ناجحة يجب أن أعرف من هو جمهوري".

ويتابع أن الحملات التي تستهدف المرأة تحتم عليها معرفة طبيعة المجتمع السوري وطبيعة المرأة فيه والمحاذير التي عليها أن تتعامل معها "يفترض ألا تكون رسائلي مستفزة بل مبنية على الثقافة المحليّة". وهذه الفكرة مبنية على تصميم الحملات الحديث المعتمد على الحوامل الموجودة في المجتمع وليس على مواجهة المجتمع.

ويتابع أحمد أن "بيئة المجتمع السوري بيئة محافظة ومتديّنة، وبالتالي فإنه يجب الاعتماد على مرجعيات الشعب السوري في إعادة انتاج التصوّر المجتمعي للمرأة، وهي مرجعية غنية جداً، وفيها الكثير مما تحتاجه المرأة ويضمن لها تحررها الكامل".

ويضيف أن الاعتماد على الأشخاص المؤثرين محليّاً والفعاليات الثقافية يمكن أن تساعد على نشر الفكرة بشكل أسرع وأسهل للناس، "حملات المناصرة المحلية التي تعمل بهذه الطريقة يمكن أن تكون فعّالة"، بينما القيام بحملات خارج إطار مرجعية للشعب السوري من شأنها أن تبدو وكأنها تدخل في هويته، "لن تستطيع النجاح ومساعدة المرأة كما يجب، لأنها ستضع المرأة في مواجهة المجتمع، وهذا خطر كبير". 

  • أيّ عمل تقوم به النّساء مهم.

ربا حبوش النّائبة في الائتلاف السّوري المعارض ترى أن أيّ عمل تقوم به النّساء من أجل النّساء هو مهم لكنّها ترى أنّ أثره ليس كبيراً إلى اليوم، وتضيف أنّه لم تكن هناك مناصرة حقيقيّة تجاه السيّدات اللواتي عملن في الشّأن العام وتعرّضن للتنمّر من المجتمع، وترى أنّ هذا الأمر طبيعي لأنّ خبرة المجتمع السياسية ضعيفة بعد سنوات طويلة من "التصحّر السياسي الديمقراطي" حسب وصفها.

وترى السيدة ربا أنّ الحملات الأكثر تأثيراً إيجابياً كان من عمل المنظمات النّسائية والنّسوية باختلاف توجهاتها بالتعاون مع بعض الرّجال الموجودين في مواقع صنع القرار المناصرين لوجود النّساء، وتؤكد أنّ تأثير حملات المناصرة يمكن أنّ يتضاعف في حال تضافرت الجهود بشكل أقوى لاسيما المنظمات النّسائية بتوجّهاتها المختلفة، وتؤكد على اختلاف التوجّهات لأنّها تشاهد في كثير من الأحيان يتم الهجوم من النّساء من قبل النّساء أنفسهنّ، ولذلك كان تأثير الحملات ليس كبيراً كما هو متوقّع.

وأضافت أنّ حملات كثيرة كان لها تأثير إيجابي وكانت المرأة مشارك رئيسي فيها لكنها كانت في جوانب أخرى مختلفة عن إشراك المرأة كالجوانب الإنسانية مثلا، وتؤكد وجود حملات ونشاطات دعمت وجود النّساء لكن ليس إلى مراكز قيادية، وترى أنّ أي تدريب من شأنه تدريب النّساء على وضع القوانين والانتخابات مفيد من أجل رفع وعي النّساء لوضع قدراتهم في قضايا مستقبلية في سوريا.

  • لا يوجد حملة مناصرة كاملة

نيفين حوتري رئيسة مجلس الإدارة في وحدة دعم وتمكين المرأة توافق فكرة أنه لا يوجد حملة مناصرة أقيمت من الالف الى اليّاء من أجل إشراك النّساء ولكنهم في منظمات المجتمع المدني والمنظمات النّسائية يحاولون القيام بأنشطة للحشد والضغط على الجهات المختلفة من أجل إشراك أكبر للنّساء.

  • الموضوعات الإنسانية تشكّل حملات ناجحة

السيدة عابدة العظم مفكرة وأستاذة وباحثة في الفقة الإسلامي مؤلفة وكاتبة ومهتمة بقضايا المرأة تقول إنّ قضايا المرأة في مجتمعاتنا تخضع للعادات أكثر من خضوعها للتشريع الإسلامي، وإذا كان هناك حملات تخالف هذه العادات توجد مناهضة لها وإنّ طابقت التشّريع الإسلامي.

وترى أنّ الحمّلة النّاجحة هي التي تبدأ بالأمور الإنسّانية وفيها ظلم واضح، مثل الحضانة وعلاقات الزوجين وهضم حق المرأة، وتؤكد أنّ الممانعة طبيعية وأي انسان مطلّع على علم النفس يعلم أنّ النّاس تفضل أنّ تبقى على ماهي عليه أفضل من التغيير إذ يرى معظم الناّس الذين يعيشون في المجتمع أنّنا تعودنا على الوضع بحلوه ومره ونخشى من التغيير أنّ يجر علينا ويلات أكبر.

الفصل الثاني: ما هي أدوات التأثير؟

تتباين آراء العاملين في الشّأن العام حول أكثر الأدوات تأثيراً في مشاركة المرأة، ورأى معظمهم أنّ وسائل التواصل الاجتماعي مؤثر قوي حالياً، ومنهم من رآها وسيلة سلبية وإيجابية بنفس الوقت، وهناك من رأى وسائل أكثر نجاحاً كالتدريبات الفيزيائية ورفع التّوعية والاجتماعات مع صناع القرار.

  • وسائل التواصل، تأثير إيجابي حر.

الصحفية نور العاملة في وسائل إعلامية غير حكومية في دمشق تقول إنّ وسائل التواصل الاجتماعي كانت الأكثر تأثيراً إيجابياً، إذ أنّ معظم النّاس متواجدون عليه وكانت تقدم نماذج إيجابية وبالذات بالترندات حول قصص وإنجازات نساء سوريات، وأضيف هنا أنّه وسيلة مخففة من ناحية الرّقابة في مناطق شديدة الدّقة على وسائل الإعلام، وترى نور أنّ التأثير السلبي كان من قبل التلفزيون لأنّه يحتكم لآراء القائمين عليه وباستطاعتهم التحكم بما يظهر فيه بشكل كبير.

  • وسائل التواصل، سلاح مزدوج.

ربا حبوش النّائبة في الائتلاف السّوري المعارض ترى أنّ هذا عصر وسائل التواصل وهي مؤثر سلبي وايجابي وتقول: "السّلاح نفسه يستخدم بطريقتين في ذات الوقت" وترى أنّه مؤثر سلبي أكثر ولا سيّما الفيس بوك الأكثر استخداما من قبل السوريين من بين بقية الوسائل الاجتماعي، وتضيف "إعلاميّاً لم يكن هناك برامج راديو إذاعيّة أو تلفزيونية مؤثرة في الشّأن السّوري".

وترى حبوش أنّ النّساء بحاجة إلى تدريبات وورشات عمل لتطوير خبراتهن السياسيّة والاجتماعية، بحيث يعرفن القوانين الخاصّة بالنّساء وطرق تعديلها وشكل الدولة والعقد الاجتماعي الخاص بها كي يعود المجتمع لبيئته المتماسكة وتؤكّد "ردم الشّرخ الكبير يحتاج العمل عليه".

  • طريقة تعامل الإعلام مع الحدث هي الأهم.

بينما ترى نيفين حوتري التي اشتهرت بمنشوراتها على فيسبوك قبل تهجيرهم من الغوطة الشّرقية تقول إنّ تأثير وسائل التواصل الاجتماعي كان إيجابياً، وتؤكّد أنّ الفيسبوك مجرد وسيلة تواصل تخلق ترند ما قد يكون إيجابياً أو سلبياً، والرّأي العام على الفيسبوك ليس ثابتاً، لكن الطريقة التي تتعامل بها وسائل الإعلام هي التي يمكن أنّ تكون مشجّعة أو غير ذلك.

يمكن للإعلام أنّ يرسخ صورة نمطية أيضاً عن طريق إظهار فكر معيّن بلباس ما أو وصم نساء في منطقة ما بالإرهابيات، كله من الصور السّلبية التي يمكن أنّ تكون، في ذات الوقت يمكن أنّ يكون الإعلام إيجابي في عرض قصص لنساء معتدلات بلباس متنوّع، وتقول حوتري أنّهم عملوا في وحدة دعم وتمكين المرأة على نوع من الإعلام خاص بهم من خلال عرض نماذج إيجابية لنساء بشبكة أسميناها "أخبارنا" بدانا بتدريبهم ومن ثم انتقلنّ للخوض العمل من خلال مواد مرئية ومسموعة "يمكن أنّ يخرج من المخيم نفسه امرأة بائسة وطالبة جامعية بذات الوقت".

  • حملات محليّة.

أمّا الصحفي أحمد العبسي يقول إنهم شاركوا بعدد من الحملات المناصرة للنساء كان آخرها دراسة عن مشاركة المرأة بالمجال الإداري والسياسي بشكل موسع، ورأوا خلالها ردة فعل المجتمع بجانبيه النساء والرجال ومنهم نساء فاعلات في المجتمع، قمنا بعمل ملفات متعدّدة عن النساء الإعلاميّات والمعتقلات نشرنا مقالات رأي عديدة عن هذه الموضوعات والضغوطات التي يتعرضون لها وشاركنا تجاربهنّ.

  • الاجتماعات مع صنّاع القرار وبناء المعرفة عند النّساء هي أكثر جدوى.

الخبير في الشّأن السوري يقول لا يوجد مشاركة النّساء مشاركة حقيقية ولكنّه كان على اطلاع على الحملة التي تشكلت على إثرها مبادرة النّساء السّوريات للعدالة والديمقراطية التي أدت في نهاية الأمر على تشكيل المجلس الاستشاري النّسائي كما أدت فيما بعد إلى إشراك النّساء في اللّجنة الدستورية بنسبة 29 بالمئة، ويتابع أنّه لا يوجد حملة خلال أشهر يمكن أنّ تترك آثاراً بعيدة المّدة فهي تحتاج إلى وقت طويل وعمل "ليس هناك حملة حققت أهدافها خلال 3 شهور فقط".

ويرى الخبير والميسّر لكثير من اللّقاءات السّياسية والمدرّب لنساء عاملات في الشّأن العام أنّ أهم الأدوات التي قامت بها النّساء كانت الأوراق البحثيّة والاجتماعات مع صنّاع القرار وخلال اجتماعاتهم مع الأمم المتّحدة والضغط على المانحين من أجل سنّ قوانين وتقديم أبحاث تخدم قضيّتهم، تشكًلت مبادرة وبعد سنة ونصف والمناصرة مستمرّة خلالها تشكل المجلس الاسّتشاري النّسائي، وبعد 3 سنوات تشكلت اللّجنة الدّستورية.

وبتلك التّجربة يرى أنّ أكتر الوسائل المؤثّرة هي الاجتماعات وبناء المعرّفة عند النّساء، "أهم ما يمكن عمله هو تمكين المرأة من القدرة على امتلاك زمام المبادرة وذلك عن طريق توفير إطار معرفي كامل لجميع التيّارات في المجتمع في ذات وقت الاجتماعات "لا ندرّب النّساء من التيّار العلماني والليبرالي ونترك التيّار المحافظ" ويتابع أنّ أثر وسائل التواصل الاجتماعي قليل مقارنة بالاجتماعات الفيزيائية التي تعطي جدوى أكبر.

  • جهات دولية وأحداث عالميّة.

من خلال دراسة قمت بها وجدت أنّ معظم التشكيلات النّسائية التي حدثت لم تقدّم بسبب الكفاءة والرّغبة المشاركة إنّما هناك جهات دفعتها للواجهة، وغالباً يتم تشكيل هذه التجمعات قبل فترة من حدث معين، مثلا قبل جنيف 4 تشكّلت مجموعة نسائية، وقبل رياض 2 تشكّلت الحركة النّسوية، والمجلس الاستشاري كان عبارة عن مبادرة نسائية بدعم من جهة أجنبية، هذه الأجسام لم تنطلق من منطلق احتياج ولذلك تتشكل وتنهار في حال تضعضعت.

في تجربة المجلس الاستشاري بدأت فكرته منذ تولّي الاخضر الابراهيمي، معظمهم كانوا من النّساء المتوجدات في أوروبا الذين لديهم علاقات سياسية قديمة، ومن خلال هذه العلاقات كان التصوّر أن ينتخبوا 10 او 12 ويتم تبديلهن بشكل دائم كجهة استشارية، وخرجت الأسماء إلى العلن بعد توافقات وبدون تشاور وانتخاب، كان التمثيل طائفي وتمثيل المعارضة قليل جداً، تم إجراء تعديلات عليه وتوسيعه فيما بعد، لكن المشكلة الجّوهرية أنّ يكون التّشكيل خارجي والأسماء مفروضة الأمر الذي جعل تأثيره ضعيفاً ومرجعيته الشّعبية ضعيفة أيضاُ فهو لا يمثل نساء سوريا بشكل حقيقي.

الفصل الثالث: ما هو دور الجهات الخارجية؟

خلال العملية السّياسية تشكّلت عدداً من المنصّات والشبكات النّسائية التي وجدت طريقها خلال المؤتمرات التي شاركت مثل المجلس الاستشاري النّسائي والمنصة النّسائية وشبكة الصحفيات السّوريات والحركة السّياسية النّسوية السّورية، إضافة إلى تشكيل الكثير من المنظمات النسائية والنّسوية داخل سوريا.

هذه التشّكيلات في معظمها كانت بدعم من جهات خارجية ولا سيّما الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي، وقد تركت أثراً واضحاً في إشّراك المرأة في الشّأن العام، لكنها بعد عملها لسنوات وجدت شروخاً داخلها تركت أثراً في المجتمع بسبب استقطاب تيارات محدّدة وإقصاء تيّارات أخرى، ومع تنوّع التيّارات في سوريا كان هناك عدد من الأسباب الماديّة والموضوعية، الأمر الذي ترك صراعات جانبية على جانب الصّراع الحقوقي الدائر حول الحكومة واشراك الشّعب السّوري في اتخاذ القرار.

  • الخوف من التغيير على فقد الهويّة.

التخوفات التي واجهت هذه الدّعوات كانت حول هوية المجّتمع وهويّة الأغّلبية، وقد يصف بعض علماء النّفس هذه الحالة بمقاومة التغيير حسب ما أفادت الدكتورة عابدة العظم التي وصفتها بأنّها من أفظع النّظريات "النّظرية الكارثية" التي تخشى من التّغيير خشية تفلّت عرى المجتمع واحداً تلو الآخر، والخوف الأكبر من فقد "الهوية "هذا التخويف مكرر كثيراً وأراه سبباً أساسياً في عدم التغيير في مجتمعاتنا"، وذكرت أنّها دوما ما تطرح أمثلة للنقاش وترى تصلّب الكثيرين من أجل إبقاء الفتاوي الشرعية القديمة والموروث القديم فيها.

وتؤكد بأن هناك سلبيات وإيجابيات للحملات ولكن لا يمكن الوقوف ضدها دون حملات موازية تساعد المرأة للخروج مما هي فيه ضمن ظروف مجتمعنا، وترى أنّ الأفضل أنّ نتبنّى أجزاء مناسبة منها للوصول إلى حل يرضي جميع الأطراف، وتؤكد أنّ هذه الحملات تحرّك مجتمعنا الذي زاد جموداً خلال السنوات الأخيرة بعد أنّ حُجّمت المرأة بشكل أكبر برعاية البيت مع غياب الزوج وتحملها للمسؤولية فقد قامت بجميع الأدوار، "أصبح هناك خوف منها، لكن هذه الحملات استطاعت أنّ توقف الجمود وتعود بالمرأة للمربع قديم".

  • مشاركة النّساء كانت بسبب ضغطهنّ على جهات دوليّة.

الخبير في المجتمع السّوري يؤكد أنّه "لولا دعم الغرب لعمل النّساء في سوريا لم تكن مشاركتهنّ لترتفع ولا سيّما الأوروبيين، "لو ترك الأمر للأمريكان والروس والأتراك لم يكونوا ليغيروا أي شيء من ناحية إشراك النّساء" ويؤكد أنّ أوروبا هي الراغب الحقيقي بإشراك النّساء.

ويؤكد فكرة بأنّه لا يوجد جسم سياسي بالمعنى الحقيقي لديه رغبة حقيقيّة بمشاركة النّساء لا في داخل ولا خارج سوريا، باستثناء شمال شرق في الإدارة الذّاتية لديهم تجربة ولكنّها لا تخلو من بعض التحفّظات، ويرى الخبير أنّ هيئة التنسيق من أوائل الأجسام الذي وضع نائب الرئيس أنثى، ويرى هذه الخطوة رغم أهمّيتها إلّا أنّها أصبحت شكلاً من أشكال البروتوكول الذي يخلو من المعنى في جوهر الأمر.

ويؤكد أن المشاركة الفعليّة للنّساء السّوريّات أتت بجهودهنّ وبضغط من المانحين، لكن لو ترك الأمر للسياسيين لم يكونوا ليكترثو بمشاركتها لأسباب كثيرة، منها البيئة الاجتماعية التي تعطي للمرأة أدواراً محدودة داخل المنزل، وعدم الخبرة السياسية الكافية في صفوف السياسيين أنفسهم، بقناعتهم بأهميّة إشراك المرأة في العمليّة والسياسيّة، إذ يعتبر السياسيين أنفسهم من الطراز الرفيع وبحاجة لنساء من ذات المستوى رغم أنّ هناك الكثير من النّساء أداءهم أفضل بمراحل كثيرة.

لكنّه يعقب بأنّ سياسات المانح تخلق رد فعل سلبي في بعض الأحيان في المجتمع دون أنّ تشكّل قناعة لديهم، وهي ذات الفكرة التي أوردتها السيّدة عابدة حين تحدّثت عن ممانعة التغيير والخوف على الهويّة.

  • التجارب المحليّة أفضل من القوالب الجاهزة

النّائبة ربا حبوش تعزو ذلك إلى أنّ القوالب الجاهزة من أجل التغيير وهذه القوالب حسب رأيها ليس لها قبول في المجتمع بشكل كامل وبين النّساء بشكل خاص، وبالتالي النّساء بحاجة لحلول مدروسة أكثر حسب واقعنا السّوري، وتضيف "تجربتنا السّورية غنية، نساءنا لديهم قدرات كبيرة يستطيعون بها رسم احتياجاتهم ليكنّ صانعات المستقبل بشكل فعّال دون قوالب جاهزة".

وتضيف أنّ مشاركة المرأة موجودة لكن حسب كفاءتها وخبرتها يفترض أنّ تكون في أماكن أكثر تأثيراً، وتؤكّد النّائبة ربا أنّ حملات المناصرة يفترض أنّ تكون شاملة لجميع المكوّنات في المجتمع وداعمة للجميع، دون إقصاء لأي طرف.

وعن الدعم الخارجي ترى أنّه من المؤسف أنّ يكون إشراك النّساء بإصرار من الأمم المتحدة والجهات الأوروبية "لا أرى هذا الأمر صحيّاً، يفترض أنّ نعرف قيمة نساءنا وقيمة مشاركتهم بجميع الأماكن والمواقع"، وتضيف أنّ أي زيادة لمشاركة النّساء أفضل وأي تدريب يرفع من معرفتهم مهم ومفيد.

  • امتلاك السّلطة ضروري لإشراك النّساء

الصّحفية نور ترى أنّ مراحل التّأسيس للفكرة يحتاج إلى السّلطة من أجل تعزيز المشاركة، ولا يستطيع أي أحد الضّغط دون ذلك، وامتلاك المادة والدّعم هو أحد السلطات الضرورية لذلك، "كثير من منظمات المجتمع المدني تضع ضمن كوادرها نساء من أجل تحقيق النسبة والحصول على منح مشاريع"، وتقول أنّهم في البداية سعوا لتحقيق النسبة ولو بشكل شكلي لأن استمرار المشاريع يتهدد في حال مخالفة ذلك، لكن بداية الفكرة كان بسب ضغط النّساء على المانحين من أجل إشراكهم في العمل، واليوم تحسّن الوضع كثيراً من ناحية إشراك النّساء وبعض المشاريع نسائية بالكامل من مراكز صنع قرار إلى بقية الأعضاء في المشروع.

وتضيف نور أنّ تحقيق النّسبة قد لا يكفي في بعض الأحيان لمعرفة مدى فعاليتهنّ في صنع القرار والنّفوذ في المؤسسة، كي لا تكون نسبة شكلية موضوعة تحت مظلّة الرّجال يجب أنّ تكون المشاركة حقيقيّة وأنّ يكون إضافة لتحقيق النّسبة شروط معينة من خلال بروتوكلات مفروضة من قبل المانح، وتذكر نور تجارب في مشاركات شكلية للنساء كالمجالس المحليّة والبرلمان وعدم مشاركتهم بصنع القرار بشكل فعّال.

السيّدة عابدة العظم توافق الرأي السابق بأنّ يكون العمل ممول من جهات أجنبيّة وترى أنّها ساعدت النّاس للقيام بالثورة والتغيير في حياة النّاس وهي من تملك هذه المنابر، "لا نستطيع أنّ نقف ضدّ مساعدات خارجية، قد تضعنّا تحت شروطها ولكن لا يوجد بديل"، وترى أنّ هذه المنابر المتاحة يمكن استخدامها من أجل مناصرة قضايانا واستخدام هذه الحملات بما يتناسب مع مجتعمنا لتغييره للأفضل دون أنّ نفقد المجتمع هويته الخّاصة به.

  • إشراك النّساء طريق لإعادة إنتاج المجتمع.

الصحفي أحمد العبسي مدير جريدة حبر والمشارك في حملات مناصرة متعددة لدعم قضايا النساء وغالبها كان من جهات أوروبية يقول "إن الأوربيين يولون اهتمامهم بهذه القضية لأنّهم يريدون إعادة انتاج المجتمعات لتشبه الصيغة العالمية التي يمثلونها، ويرون أن الحرب والأزمات فرصة جيّدة للتدخل"، وذلك لأن المجتمع يكون فيها غير واعٍ أو مهتم للتدخلات الفكرية التي تحدث في النسق الاجتماعي لأنه تحت ضغط أولويات أخرى (متطلبات الحياة والعيش) التي تشغله عن مواجهة أي تدخلات فكرية أو ثقافية في بنيته الأساسية.

وهذا ما أكدته الباحثة عابدة العظم خلال حديثها بأنّه من المعروف في علم النّفس والتربية إذا أردنا أنّ نحدث تغيير في العادات فإنّ وقت الفوضى هو أنسب فرصة للتغيير، وبنفس الطريقة فإنّ أنسب وقت للتغيير في المجتمعات هو الفوضى والثورات، ومن هذه الفكرة أصبح المؤثرين لديهم رعب حقيقي من الأمر وأصبح هناك تصلّب أكبر في الأراء والتوجّهات.

الصحفي أحمد يقول إن التغيير الاجتماعي يحدث بشكل فعّال حين يكون مطلب اجتماعي لأن خيارات التغيير في ذلك الوقت ستكون منتمية لهوية المجتمع نفسه، ومناسبة لثقافته، ويرى أن الضغوطات التي يعيشها المجتمع حالياً لا تسمح له بالتفكير في مثل هذه الأمور بشكل متوازن، وإن العمل على إعادة إنتاج المجتمع بطريقة لا تشبهه سواء حول قضايا المرأة أو غيرها قد تخلق صراعات عديدة غير واعية.

ويؤكد العبسي أن المجتمع معتاد على نسق ثقافي معين، "حين يتم التغيير فجأة عبر أنساق جديدة لا تنتمي له، سيحاول مواجهتها، لأنه سيشعر أنها تهاجمه في هويته وثقافته، وسيعمل على حمايتهما، ولديه كل الحقّ في هذه المواجهة وفي حماية البنى الداخلية التي يتكون منها، كما يرى الآخرون أن لهم الحقّ في التدخل".

ويتابع بأنّه من الممكن التغيير بطريقة أسهل دون الوصول لصراعات وتدخلات خارجية، عبر الاعتماد على مرجعية المجتمع ونظمه بما يعطي المرأة حقوقها وحريتها الكاملة ولكنها بحاجة إلى إعادة إحياء بصياغات أكثر مناسبة للعصر الجديد.

ويضيف أن "طبيعة المجتمع السوري ذو أغلبية محافظة والثقافة الدينية حاكمة فيه، ودين الإسلام هو دين الغالبية، الذي يعطي للمرأة تكريماً خاصاً وسابقاً لكل التجارب العصرية، ولكن المشكلة هي في بعض التفسيرات والممارسات التي سادت بسبب الطغاة والمستبدين في القرن الأخير، والتي لا تنتمي للإسلام ولا للمجتمع، ولكنه جزء من التشويه الحضاري الذي مارسته الأنظمة المستبدة والاستعمار في هذه المنطقة". 

  • القوّة الخارجية ذات تأثير محدود، التّأثير الحقيقي من الداخل.

الباحثة كندا حواصلي ترى أنّ عزو ارتفاع نسبة مشاركة النّساء في الهيئات السياسيّة بحملات المناصرة هي نظرة وردية وأنّ التأثير الحقيقي هو بسبب الضغط الأوروبي "لو قمت بحملات عدة للائتلاف لن تزيد النسبة لكن تلفون من جهة أوروبية ستؤدي إلى نتيجة أفضل والتوسعة النّسائية بالائتلاف كانت ضمن هذا السّياق".

وتتحدث عن تجربة التوسعة النّسائية في الائتلاف بأنّهم دوماً كانوا يقولون إنّه لا يوجد كفاءات نسائية يمكنها الانضمام، وطلبوا بشكل مباشر أنّه يمكن للراغبات بالانضمام أنّ ترشح نفسها وتدخل في التوسعة، وتم ارسال أكثر من 100 سيرة ذاتية جميعهم سيدات سوريات مهتمّات بالشّأن العام وكانت الخيارات واسعة جداً وتم دعوة النّساء إلى مؤتمر أشبه بورشة لمدّة 4 أيام تلقوا خلالها تدريب واجتمعوا على أنّ يكون هناك معايير محدّدة وانتخابات شفافة لاختيار 10 من النّساء، وبعد مدّة تم اختيار 10 أسماء بدون أي عملية على شكل محاصصة بين الهيئات الموجودة، كانت الأسماء محضرة ومتفق عليها لحجز مقاعد لنساء تابعين لهم وتم الالتفاف على المجموعة الكبيرة، 2 فقط من ال10 كانوا فاعلات بشكل حقيقي لحضور الاجتماعات والبقية حجزوا الكراسي دون فائدة تذكر.

وتضيف أنّ النّظام الداخلي للائتلاف يجب على أحد نواب رئيس الائتلاف أنّ تشغله امرأة، وتناوب عليه 3 نساء خلال 10 سنوات، من بين 15 سيدة، وتؤكد أنّ هذه الطرق جميعها لم تجلب الكفاءات من النّساء وإنّما حجزتها للكتل الموجودة، وتتابع "لا يوجد قانون صريح يمنع المرأة من المشاركة ولكن اضطروا لوضع هذا القانون لأنّ النّساء كان يتم اسقاطهنّ بالانتخابات بسبب قلة عددهنّ وإنّ حصلت على أصوات النّساء كلّها فلن تحظى بأصوات كثيرة من الرّجال.

وتذكر مثال أخر حول المجالس المحلية في الداخل وقد عملت الحكومة المؤقتة بالتعيين والتزكية وليس الانتخاب، واستحدثوا فيها مكتب للمرأة وقد تكون مؤهّلة أو لا وقد تشارك أو لا ولم يكن الاهتمام بوجودها فعلياً، وبقيت المجالس تعين تعييناً لفترة طويلة، ومع وجود دعم أوروبي لمواضيع دعم المرأة بدأ المشهد بالتحول إلى الوعي والاهتمام بتدريب النّساء، في 2016م أصبح هناك تغيير على الأرض وتم انتخاب رئيسة للمجلس المحلي في حلب، وفي الغوطة الشّرقية في منتصف 2017 م كان هناك انتخابات على نظام تكنوقراط وكانت مشاركة المرأة واضحة فيه، وهذا الأمر يوضح رغبة النّساء بصناعة القرار المحلّي.

وتؤكد في نهاية حديثها أنّ حملات المناصرة لم يكن لها تأثير فعّال بل كانت تطبيق بعض التدريبات لدعم مشاركة النّساء، لكنها لم تضف أثراً حقيقياً، لأنّ القوة التي تأتي من الخارج لا تؤثر كما القوة الداخلية، "التمكين ليس توعية فقط وإنّما تمليك أدوات وفاعلية"، وتضيف أنّ مراعاة المجتمع المحلي هو أساس الحملات النّاجحة. 

 

الباب الثاني: نساء مشاركات

الفصل الأول: ما هي نسبة الزيّادة؟ وما أسبابها؟

  • تغييرات طفيفة، مدّ وجزر.

النّائبة في الائتلاف ربا حبوش ترى أنّ التغييرات قليلة وغير ملحوظة وكل زيادة تعقبها انسحابات وكل انسحاب يليه زيادة وهذه النّسب لا تكاد تلاحظ، وتصفها بالقول "حدث مد وجزر في النسب لكن التغييرات طفيفة وغير ملحوظة" وترى أنّ النّسبة غير ثابتة والخط البياني يزيد قليلا ويعود للتراجع.

وتتابع أنهم حالياً في الائتلاف 8 نساء من بين 85 عضو وهي نسبة ضئيّلة، وتقول إنّ النّسبة في الهيّئة العليا للمفاوضات أفضل بقليل، وفي اللجنة الدستورية في قسم المعارضة النّسبة قليلة أيضاً، وتقول بأنّه بالرغم من أنّ الزيادة بطيئة ولكن أفضل من لا شيء.

وتشير إلى أنّ الزّيادة ليس بقناعة الأجسام بل بدعم من الأمم المتّحدة، وأنّ هناك نوع من القناعة تتغيّر قليلاً ورؤية أفضل من قبل، وتعزو هذا التّأخر بسبب عدم اشتغال السياسيين بالمجال سابقاً وتحتاج الأجسام إلى وقت ووعي لأهمية مشاركة المرأة في الشّأن العام "أصبح هناك وعي جيد لدى النّساء لكن ما نزال نحتاج توعية الرّجال الفاعلين أيضاً". 

  • ابتعاد المرأة عن الصراعات يعكس فعاليّة قليلة في الشّأن العام.

الصحفي أحمد العبسي يقول إنّ الاهتمام بوجود المرأة في التشكيلات السياسية بدأ من 2016 لكن هذا التمثيل يراه شكليّاً فقط، ويضيف أنه بالموازنة مع المجتمع نسبة النساء العددية أقل من نسبة الرجال قبل الحرب وما زالت كذلك وإن تقلصت هذه الفجوة، لكن وجود المرأة لا يتفق مع هذه النسبة، ولا طريقة تمثيلها تعبر عن المجتمع السوري.

ويضيف أن المجتمع يعكس من خلال قيادته السياسية والإدارية الفاعلية الموجودة فيه، "وفي المجتمع السوري الرجال لديهم فاعلية أكثر من النساء ربما بسبب طبيعة المجتمع" كما يقول، ويؤكّد أنّه "من الطبيعي أن تكون هذه النتيجة في سوريا لأنها موجودة في كل العالم فالمرأة عموماً بطبيعتها تميل للبعد عن أجواء الصراع الموجودة في الأماكن القيادية، وطبيعتها ليست صدامية"، ويتابع أن هناك نساء يرغبن بالخوض في الصراعات لكن نسبتهم قليلة، لذلك نسبة وجود المرأة في أماكن إدارية عليا أقل، لأن هذا المكان لا يستهوي أصلاً الكثير من النساء وهذا في جميع أنحاء العالم وليس فقط في سورية.

ويتابع أحمد قوله أنّه ليس من العدالة التقنية أن أقبل ل 20 شاغراً، 10 رجال و10 نساء في الوقت الذي يتقدم فيه للوظيفة نفسها 100 شاب و10 فتيات، لأني سوف أقلل الجودة بهذه الطريقة؛ العدالة أن يكون هناك معايير توظيف تضمن الجودة مهما كانت نسبة النساء، لكن هل يصح أن اقبل نساء فقط لأنّهن نساء؟

ويلاحظ أحمد أن عدد المتصديين للشأن العام أكثرهم من الرجال، ومعظم النساء لا يرغبن بذلك، "فهل أقحم جميع النساء الراغبات فقط لأنهنّ نساء؟ أو أقحم النساء رغماً عنهن بوضع مغريات لا تنتمي لتلك الأماكن التي يجب أن يشغلوها".

  • المشاركة في المستويات الدنيا فقط.

الصّحفية نور لديها رأياً مختلفاً وتقول إنّ نسبة مشاركة النّساء تزيد ولكن بمستويات الدّنيا فقط، مديرات مدارس مركز صحي على هذه المستويات، ولكن في أماكن ومراكز علمية عالية وقياديّة قلّما تجدهنّ، فلا تكاد تجد عميدة كلّية مثلاً رغم وجود أساتذة إناث كثر في الجامعة، لا تجد مديرة مستشفى رغم وجود طبيبات كثر، تقل النسبة كثيراً حين نبحث عنهنّ في المستويات الأولى في المجالس المحليّة والبرلمان والوزارات.

وتعزو الأسباب إلى عدم إعطاء فرصة للمرأة للتواجد في هذه الأماكن وعدم وجود ثقة في عملها، وبالتّالي نجد مفارقة كبيرة بين المستويات العليا والمستويات الدنيا في حجم التوجه، وتضيف أنّه في الآونة الأخيرة وبسبب الضّغط المعيشي الكبير لم يعد هناك مهن تختصّ فيها النّساء، نجدهم في كلّ المهن المطاعم خدمات التوصيل، وبرأيها أنّ التابوه الخاص بوجود مهن للرجال ومهن للنساء تم كسره بسبب الحاجة ولا سيّما لدى معيلات الأسر، لكن في المستويات العليا ما زالت التواجد ذاته.

نيفين حوتري رئيّسة مجلس الإدارة في وحدة دعم وتمكين المرأة تقول إنهم منذ أشهر قليلة قاموا ببحث حول مواقع النساء العاملات، "حينما نتحدّث عن إشراك النساء يقال إن النساء يشغلن أماكن كثيرة في الوظائف، فقمنا بمسح صغير ووجدنا أن معظم النساء كانوا في المستويات الدنيا وباختصاصات محدّدة، بالتعليم والتمريض والشرطة في بعض الأحيان، لكن قلة قليلة من يصلن إلى مراتب الإدارة العليا".

وترى نيفين أنّ أسباب هذه الزّيادة تعود للحركة المجتمعية الحاصلة مثل النّزوح والاختلاط السّكاني والسياق الجديد الذي حدث في المنطقة، كلها شجعت على تبادل بالخبرات والنّساء اللواتي سياقهنّ الثقافي والمجتمعي يمنع من هذه الأعمال بالتالي استطاعوا تجاوز العادات في منطقتهم، والأمر الآخر الذي أدى لمشاركة النّساء حاجتهم في المجتمع لاسيّما المعيلات منهنّ، رغم أنّه أمر سلبي لكنّه ساعد النّساء في المشاركة بشكل أكبر.

الفصل الثاني: جربنَّ المشاركة فما هي النتيجة؟ 

التقيت مع نساء جربنَّ المشاركة في مستويات عدة وفي مناطق مختلفة ومنهنّ من شاهدن تجارب سابقة ومنهن من رفضن المشاركة.

  • دوافع المرأة للمشاركة والإحجام ذاتيّة.

كندة حواصلي تؤكد أن دوافع المرأة في المشاركة هي دوافع ذاتية ودوافع احجامها اليوم هي دوافع ذاتية أيضاً، وترى أنّ النّساء شاركنَّ بدافع شخصي وبدافع انتماء للبلد ولم يكن هناك أي دافع آخر غير الإحساس بالمسؤولية، بدأت بالمشاركة في بداية بالمظاهرات ولم يدفعها أحد بل دفعت ثمن هذه المشاركة ثمناً باهظاً كالاعتقال وما خلّفه من مآسي، "البذرة الأساسية للمشاركة كان وعي المرأة نفسها".

وتتابع أنّه حين بدأ مشهد الحراك الثّوري يتضح كان رجال والنّساء معاً، لم يكن حينها حملات مناصرة لمشاركة المرأة، وفي السّنوات الأولى خلال الحراك السلمي المتأجّج لاسيّما في المدن الكبيرة كانت المشاركة النّسائية في التخطيط أيضاً، "أكثر من نصف الّذين حضّروا للمظاهرات الخطرة أمام أجهزة الامن كانت من قِبل النّساء بأعمارٍ صغيرة"، يضاف إلى الدور التنظيمي الدور الصّحي في تأسيس نقاط طبية ونقل الأدوية وأكياس الدّم، وكان هناك نشاطات إعلاميّة لهنّ في معظم التنسيقيات يعملن في التّوثيق والنّشر، لكنّهن لم يكنّ في الواجهة دوماً لتخفيف درجة الخطورة.

  • المحاصصات قلّلت من فرص وجود النّساء.

وتابعت حواصلي أنّ حملات المناصرة بدأ عملها بعد الانتقال من الحراك السلمي إلى الحراك السياسي، لاسيّما بعد تشكيل أجسام سياسية مثل الائتلاف والمجلس الوطني، "حين بدأ العمل السياسي وتشكيل أجسام سياسية لم يكن هناك ثقة كبيرة من الشّارع السّوري ولا سيّما الشباب الثّائر، ولذلك بدأ العمل عن طريق سياسيين قدامى أغلبهم يتبعون للأحزاب الشّيوعية المناهضة لحافظ الأسد في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي، كان معهم مجموعة من النّساء شاركن معهم في التّنسيق للعمل السّياسي، لكنّ المشكلة أنّهم  لم يكونوا يمثلون الشّعب على الأرض بسبب ابتعادهم واستقرارهم خارج البلد، وكانت الثّورة فرصة لإعادة إحياء دورهم، ومن هنا بدأت المحاصصة في العمل السّياسي.

من هذه الأحزاب السّياسية القديمة كان هناك كوادر جاهزة نساء ورجال لكنّ الحّراك الشّعبي لم يكن لديه كوادر سياسيّة، الشّارع الثّوري كان يرى في السّياسة مراوغة وسبيل للالتفاف على المبادئ بما يتناقض مع توزيع الحقوق والعدالة فلم يشاركوا في البداية، وبذلك تشكّل العمل السّياسي وفق محاصصات من كوادر في الأحزاب القديمة وأغلب النّساء اللواتي تم زجهنّ بالمشهد أغلبهم متقاربات في العمر والانتماء.

حين بدأت تتشكل الأجسام بدأ الصّراع على عدد الكراسي وكانت أقل نسبة من الكراسي للنساء، وحاول الغالبية التجهز لمرحلة ما بعد الأسد، تم ادخال نساء لكن بشكل شكلي ومحاولات تحييد كثير ممّن دخلن بالمشهد ومنهنّ من انسحبت مع تفاوت بالكفاءات، لكنّهن كنّ من طيف واحد وبدون تمثيل قوي على الأرض.

بعد جنيف1 بدأت الاجتماعات السّياسية الحقيقيّة، ولاحظ المجتمع الدولي ضعف مشاركة المرأة بما يتنافى مع قرار 1325 الذي ينص على إشراك النّساء في عمليات السّلام، وتذكر حواصلي موقفاً حدث مع إحدى السياسيات خلال اجتماع مع شخصية سياسية أوروبية، كان الغالبيّة من الرّجال وكانتا سيدتين الوحيدتين فمنعوهما من المشاركة، وحين حدث هذا الاقصاء أصبح هناك ضغط من الأمم المتحدة وشركاءهم الأوربيين بوجود تمثيل نسائي حقيقي، أصبح السّياسيين السّوريين مجبرين على مراعاة وجود حصة للنساء حين تشكيل الوفود.

  • صوت النّساء في مواقع القيادة له صدىً أقوى.

نيفين حوتري رئيسة مجلس إدارة في وحدة دعم وتمكين المرأة، وهي منظمّة مجتمع مدني "أو ربما أقرب لتكون كيان جامع للنّساء في ريف حلب الشّمالي" حسب وصفها، بدأت بالعمل في الغوطة الشّرقية في 2013م في مجال الحوكمة الرشيدة بحيث يكون هناك نساء ناشطات بكل المستويات، كما عملت في قطاع التمكين السّياسي.

تقول حوتري أنّ الأمر الذي يدعمهم هو أنّها حين تصل إلى منصب مهم تتحدّث بصوت عالي عن القضيّة نفسها، وبذلك يكون هناك حملة مناصرة من نوع أخر وهي أنّ النساء موجودين ولكن هناك من يهمّشهم، وتذكر نيفين أحد التجارب الإيّجابية في هذا المجال في اشتراط تعيين أحد نواب رئيس الائتلاف، كانت تجربة إيجابية فعند وصول ديمة الموسى وهي شخصية قوية وبجهد منها جمعت كثير من السّير الذّاتية لنساء قادرات على المشاركة، لأنّه حينما يكون هناك تشكيل وزاري جديد أو توسعة يتم البحث في هكذا ملفّات، ومن ثم أستحدث مكتب المرأة والشّباب، واليوم تم انتخاب ربا حبوش وهي شخصية قوية أيضاً، حين يتم إجبار الأجّسام على تمثيل النّساء وتكون هذه الشّخصيات لديها كفاءة يكون دعم للمشاركة النّسائية فعّالاً أكثر.

وتؤكد عدم رضاها عن مشاركة النّساء في الائتلاف "ما تزال متعثرة"، وتضيف أنّ كثير من التجارب يكون فيها وجود نساء ضعيف أو يتمّ تهميشه، مثل التشكيّلة الوزارية السّابقة كان هناك وزيرة واحدة ولم يتم دعمها بشكل كافي ما أدى إلى استقالتها، بالتالي هناك أماكن شكلية تماماً وليسوا فاعلات وهناك أماكن فعاليتهم متوسطة وهناك أماكن تم استثمارها كما يجب.

  • لماذا ترفض بعض النّساء المشاركة المباشرة في العمل السياسي؟

السّيدة عابدة العظم رفضت المشاركة في التوسعة التي أقامها الائتلاف رغم طلب من حولها لها لكنها فضّلت أنّ تكون بعيدة عن التصنيف، وترى أنّ العمل على المجتمع أكثر جدوى من الإرهاق بالعمل السّياسي وترى في الوقت ذاته أنّ مشاركة المرأة ضعيفة في المجال السّياسي.

وتشرح موقفها إنّها لا تشجع جميع النّساء في الدّخول للمجال السياسي لأنّ هناك مجالات كثيرة ولا شكّ أنّ وجود المرأة مهم ويفترض وجود ممثّلات عن النّساء ولكن حسب قدراتهنّ، وترى أنّها تساهم في إصلاح المجتمع من مكانها، لكنّها ترى أنّ مشاركة المرأة ما تزال بعيدة وما تزال أمامها الكثير من العوائق.

وتشرح العظم وجهة نظرها شرعياً بأن الأصل في الأمور الإباحة، لكن هذه الفتاوى لم تستطع أن تسيطر على السّاحة وبقي الفكر المتشدد مسيطراً بأن المرأة ممنوعة من المشاركة بتولّي المناصب، ودوماً حين يكون هناك رأيان يؤخذ بالرّأي الأكثر تشدداً، وبالتّالي المرأة المتدينة تخاف وتبتعد، بالتّالي نجد تعثرات في الإصلاح من ناحية مشاركة المرأة، وتكون كثير من الأحيان ضد المرأة وضد رفع الظّلم عنها، لاسيّما وأنّ تصلّبا كبيرا شهده رواد التّغيير في المجتمع وأصبحت مواقفهم أصلب "قد تكون خشيت من تغييرات جذرية في ظل الثّورات والتّغيير في المجتمعات".

وتتحدث عن سبب رفضها بأنّه لم يكن هناك أسباب أو قوى للتأثير، وشعرت أنّها مضيعة للوقت والجهد، وبسبب إدراكها أنّ التغيير يبدأ بتغيير المجتمع نفسه، ولم تجد أنّ لهذه الأجسام قوة تستطيع فيها تغيير المجتمع، لأنّ سيطرتهم محدودة، وقد وجدت أنّ الطّريقة التي تتبعها في تغيير المجتمع من خلال مبادرات شخصية مؤثرة أكثر، وتتابع أنّها لو دخلت المجال فسوف يتم تصنيفها وهي مستقلة بذاتها وآرائها بعيداً عن التّيارات والجماعات، تبحث عابدة لتكون مع الثّوابت الدينية والمرونة فيها بما يناسب العصر، وتؤكّد أنّ الهدف الأساسي هو الإصلاح وتحقيق مقاصد إجتماعية.

"جزء من الخلافات السّابقة أنّنا نريد الأخذ بفتاوي ميسرة للناس وتم رفض الأمر رغم موضوعية الرّأي وانتشاره في أزمان أخرى سابقة على مذاهب معروفة ومشهورة، أمور بسيطة تستدعي نقاشات كثيرة فكيف سيكون الحال في الخلافات الكبيرة سوف أستهلك تماماً دون جدوى لكنّني أرى أنّ ابحاثي ستجدي أكثر".

  • تجارب متعثّرة، ما بين تمثيل شكليّ وتنمُّر المجتمع.   

أحد الخبراء في المجتمع المحلي السّوري يقول إنّ تقييم الرّجل في مجتمعاتنا يختلف عن تقييم المرأة في جميع الأطراف، فمثلا بسمة قضماني حين دخلت سوريا لم يتم تقييم ما قدمته بل تم الحديث حول لباسها وحجابها وما السبب وراءه وتم التنمّر عليها بسبب الحجاب الذي وضعته ويتابع أنّها لو لم تضع الحجاب لتنمر عليها المحافظين، "هي حرة فيما تلبسه، هل هناك رجل يتم التنمّر عليه بسبب لباسه؟".

ويذكر تجربة الّلجنة الدّستورية التي تم تشكيل نسبة 30% من النّساء كأعلى نسبة من التشكيلات السّياسية، إذ احتوت كتلة المعارضة 6 من 50 واحتوى النظام 12 من 50 بينما كتلة المجتمع المدني احتوت 24 من 50، والمشكلة في هذه التّجربة أنّ المعارضة التي ساهم المانح الأوروبي بدعمها ساهمت بدعم أقل من النّظام وبهذا يرسل النّظام رسالة أنه متقدم بقضية النّساء وأستطيع معالجة الأمر بطريقة مناسبة، المعارضة تقول إنّها تحتاج كفاءات رغم قلة الكفاءات الموجودة في الحقيقة.

 ويتحدث الخبير أنّه ليس هناك تجربة ناجحة لمشاركة المرأة السّياسية في أي عمل سوري، في طرف النّظام كان هناك اشراك شكلي للنّساء في تجربة الائتلاف كانت قليلة رغم الدّعم، في الإدارة الذّاتية كان الوضع أفضل بقليل ولكن هناك أيضاً ملاحظات حولها.

 فلم تكن نابعة من المجتمع نفسه ولا يتم إشراك المجتمع أو إقناعه إنما يتم التعامل مع الموضوع كديكور ولكنّه أفضل من أماكن أخرى "مجتمع شمال شرق لم يتم إشراكه لكن التّجربة مفيدة لأي عملية مناصرة مستقبلية لا يوجد تقبل اجتماعي لكن أصبح الأمر وارد.

نيفين حوتري تعقب على تجربة شمال شرق وتتحدث عن رأيها بناء على نساء في المنطقة أنّهم في الإدارة الذاتية يحاولون تصدير صورة عن أنفسهم بأنّهم يشركون النّساء ولكن ليس إيماناً بأهميّة الأمر إنّما من أجل تلميع الصّورة الخارجية، كما أنّ المشاركة مقتصرة على نساء الحزب والتجربة ليست مفتوحة للجميع كرد وعرب وغيرهم من المكونات إنما فقط لنساء الحزب المنتسبات، وإنّ صحّت هذه الرؤية فهو حشد للقضية من أجل مآرب أخرى وليس هذا هو الإشراك المطلوب.

  • تجارب عمليّة صغيرة توازي حملات المناصرة.

وتتحدث حوتري عن تجربتها بعد التّهجير القسري من الغوطة الشّرقية ووصولها إلى الشمال في 2018 م أنّها قامت بعمل لقاءات مع 12 مجلس محلي في 12 مدينة في شمال غرب، "عملنا بحث صغير فيه استبيانات ومقابلات فردية وجماعية لنعرف أين تتواجد النّساء حالياً؟ وما هي التحديات التي يواجهنها؟

تقول إنّ نتائج كثيرة حصلوا عليها منّها أنّ عدد المعلمات أكبر بكثير من عدد المعلمين ورغم ذلك قيادة القطاع من الرّجال، فكان دورهم أنّ يوصلوا النساء لأماكن قياديّة والحشد باتجاه تشكيل كيان جامع لهم له تأثيره على الجهات الرّسمية، "عملنا وحدة دعم وتمكين المرأة وفيما بعد عملنا انتخابات للنّساء من خلالها".

وتضيف أنّ المجالس المحلية تضع النّساء إمّا في مكتب المرأة ومهمّشة وقلّما يكون نساء في المكتب التنّفيذي، بعض الأحيان يكون بسبب أنّ الجّهة الرسميّة نفسها ترفض مشاركة النّساء، وبعض الأحيان النّساء ليس لديهم قوة ليدخلن مجال المنافسة وأدواتهم ضعيفة.

وتتابع أنّهم قاموا بإجراء انتخابات ضمن 6 مدن في المدارس والمكتب التّعليمي والطبي والمؤسسات الموجودة وقاموا بالإعلان بالمكاتب الفرعية لإجراء انتخابات من أجل اختيار رئيسة لجنة ومعاونة وأمينة سر، ورغم أنّه مجتمع محلي وليس جهة رسمية لكن هذا النّشاط كسر الحاجز عند النّساء في محاولة الخوض في المنافسة وكسر التخوّف السّابق، وأصبحت صورة وجود النّساء في الانتخابات مقبولة لديهم.

وبعد هذه التجربة لاحظنا ارتفاع عدد النّساء في المجالس ومنهم نفس النّساء اللواتي كن مرشحات في انتخاباتنا، وتؤكد نيفين أهميّة هذه التجربة رغم عدم احتوائها على حملة مناصرة بالمعنى الحرفي ولكن كانت حشد للجهات الرّسمية بطريقة عمليّة من أجل كسر هذا الحاجز.

المشاريع المشتركة بين المنظمات العاملة في الشّأن النسائي لوصول أفضل للنساء هي مشاريع مهمة، ليس هناك حملة متكاملة وإنما هي مشاريع تكمل بعضها البعض، أحد المنظمات تساهم في وصولهم والأخرى تساهم في رفع قدراتهم وثالثة تحكي قصص نجاح عنهم، هي سلسلة من النّشاطات تبنى بعضها على عمل بعض.

  • مشاركة المرأة الفعّالة في بداية الحراك الشعبي.

الصحفي أحمد العبسي يعقّب أن مشاركة المرأة كانت "كبيرة" في البداية، ولعبت دوراً مهماً في حماية الرجال في المظاهرات في المدن الكبرى، "كثير من النساء المشاركات كنّ يساعدن في سحب الشباب الموشكين للتعرض للاعتقال، وكان عناصر أجهزة الأمن أقل تعرضاً للنساء في العلن، لذلك فإن قدرة النساء على التحرك كانت أكبر، وطبيعة المجتمع المحافظ جعل كثير من المؤيدين فضلاً عن المعارضين يتحرّكون لإنقاذ النساء عندما تتعرضن للأذى أو للاعتقال أثناء المظاهرات أو لتفتيش من قبل عناصر الحواجز، الأمر الذي دفعها للمشاركة بشكل فعّال وبشجاعة كبيرة".

ويتابع أنّ هذا لا ينفي تعرّض الكثيرات منهنّ للاعتقالات في مراحل أخرى، ولكن بشكل عام كانت النساء أكثر قدرة على تنسيق المظاهرات وأكثر قدرة على التحرك بين المناطق الباردة والساخنة، وأكثر قدرة على الفعل في ذلك الوقت، "في المجمل كانت المرأة في غالب الأحيان تختار أماكن لا تنطوي على كثير من الأذية التي يمكن أن تلحق بها، من أجل أن تكون فاعلة ومشاركة". 

ويتابع أن المجتمع حاليّاً يعاني من غياب حقوق كثيرة ولاسيما أثناء الحرب، ولا توجد جهات سياسية تهتم فيها، منها حقوق الأسرة، والبطالة وإيجاد فرص عمل، وغيرها، وجميعها تتفاقم بسبب الظروف الحالية وتتركز معظمها في إيجاد الأمان ولقمة العيش وإيجاد حل للحرب، وهي هموم لصيقة بالمواطن، وهناك حقوق أخرى في تمثيل الفئات المهمّشة أيضاً مثل تمثيل الذين يعيشون في الداخل، لكن حسب وصفه "لا أحد يسلط الضوء على هذه الحقوق لأن الجهات الخارجية غير مهتمة فيها، فهي لا تقع في أجندات تغيير المجتمع، لكنّ قضايا المرأة وحقوقها كانت أكثر حظّاً من ملفّات أخرى غائبة متل تمثيل الناس بالداخل فهي ليست ضمن أولويات الجهات الداخلية ولا للجهات الخارجية".

أما في تجربة الإدارة الذاتية حاليّاً فيقول إنّ الكلمة الأولى والأخيرة هي لدى مظلوم عبدي وامتداداته الفردية، أما الشكل الظاهري الذي يحتوي تمثيل للنساء هو شكل أقرب للنظم الاستبدادية لأن تنظيم الإدارة الذاتية تنظيم قائم على فردانية مطلقة، سواء كان هناك إشراك للنساء أو الرجال.

"الأمر شكلي بحت، وليس لأحد حقّ التدخل أو تقديم المشورة حتى، الأوامر تأتي من قنديل، ومن حاكم طاغية هو عبدي، لا أعتقد أنّه من المهم الحديث عن تمثيل المرأة في ظرف كهذا؟ لأنه مجرد تزيين، وتوظيف للقضية من أجل تسويق للكيان الانفصالي ولا يوجد فعاليّة حقيقيّة لا للرجال ولا للنساء".

  • الإدارة العليا لا تقبل بترقية النّساء.

الصّحفية نور تذكر لنا موقفا خلال عملها الإداري بعيداً عن الصّحافة وهي قد تدرّجت بالعمل من السكرتارية إلى السكرتيرة التنفيذية واختصّت بإدارة الأعمال، وخلال حديثها مع أحد الموظفين سألها "إلى أين تخططين في الوصول؟" قالت له "الإدارة التنفيذية" وفي التسلسل الوظيفي أنا الأقرب من بقية الأقسام، فتعجّب وقال لها "لن نسمح لامرأة أن تكون مديرة علينا" قالها على سبيل المزاح ولكنّ الفكرة موجودة ليس على مستوى الموظفين بل على مستويات أعلى، وتابع بقوله "ما بيحطو نسوان" أقصى ما يمكنك الحصول عليه إدارة الموارد البشرية، رغم اعترافهم بقدرتي وكفاءتي لهذا المكان.

وتجد نور أنّ الكفاءة موجودة في حال تم اعتماد النّساء لأنّ النّساء تهتم بالتفاصيل، وتذكر تجربة شاهدتها في أحد أكبر شركة الاتّصالات كانت المديرة التنفيذية قوية وصارمة ولديها نظام للشركة لا يمكن الإخلال به "هناك قدرات لكنّهم لا يسمحون للمرأة أن تصل".

الفصل الثالث: أسباب الانسحابات.   

  • "فكّرت بالانسحاب أكثر من مرّة"

السّيدة ربا حبوش النّائبة في الائتلاف تقول إن المشاركة ليست سهلة وأنّها فكرت بالانسحاب أكثر من مرة بسبب هجمات التنمُّر المختلفة عليها، وتقول إنّ الهجمات التي تحدث ضد السّيدات المشاركات كثيرة وقاسية بسبب أنّ المجتمع غير واعي لأهمية وجود النّساء ودورهنّ في مواقع صنع القرار.

وتتابع أنّ بيئة العمل السياسي بيئة طاردة للجميع رجالاً ونساءً، ولكن الضغوط على النّساء أكبر، قد يكون هناك نساء يتم وضعهم في مكان لا يتناسب مع كفاءتهم وهذا الأمر ينطبق على الرّجال لكن لأن النّساء تحت المجهر يضعون لهنّ معايير أعلى "التقييم الذي تخضع له النّساء أكبر بكثير" ومن تعمل منهنّ توجه بحملات ضدّها. 

وتؤكّد ربا تعرضها لضغوطات وحملات ضدّها "النّساء خاصرة رخوة، معظم الحملات التي تحدث ضدها حملات لا أخلاقية، لا يتم تقييمها بشكل موضوعي في مدى كفاءتها وخبرتها وتفاعلها وتبنيها للقضية، إنّما يتم مهاجمتنّ أخلاقياَ". 

وتقول ربا أن شيّطنة النّساء الفاعلات تم العمل عليه بشكل ممنهج والمستفيد الأكبر من هذه العمليّة هو النّظام الذي لديه ممارسات إجرامية بحق الجّميع منها حقوق النّساء، "كثيراً ما فكرت بالانّسحاب ولكن بسبب عملي بالإعلام سابقاً كانت مناعتي أقوى، ولكن الجو السّائد غير مريح بالنسبة لي".

  • انسحبن خشية الوقوع في المحظورات.

السّيدة عابدة العظم تقول إنّ أحد أسباب الانّسحاب أنّ المرأة المتديّنة تحت السّيطرة ولا تستطيع أن تشارك في هذه الحملات مع المحافظة على هويتها، يخوفونها فتستنكف وتخاف وتبتعد، "أنا مع فكرة إيجاد تيار ثالث بعيداً عن التيار المتزمت المتشدد الذي يمنع النّاس من ممارسة حياته بحرية وحقوق، والتيّار الثّاني البعيد عن المجتمع، نريد تيار وسطي". وتقول أنّ الكثير من المحافظين يخوفون النّاس من إنشاء هذا التيّار ويحافظون على ظلم المجتمعات بتقاليد قديمة، وتذكر أنّها من خلال عملها في الاستشارات الزّوجية يأتي منّ يقول إنّ المرأة مربية ومن ثمّ يضّغطونها إلى درجة فقدت صوابها.

"المرأة من النّاس ويفترض أن يكون لها علاقة بالشّأن العام، ويريد البعض إبعاد المرأة عن كل شي ليس فقط عن الحياة السّياسية وإنما عن الحياة العامة والمحافظة على هذا المكسب بحيث تبقى داخل البيت"، وتتابع أنّه بعد تعرض الرّجال للاعتقال والغياب الطويل بحاجة إلى المرأة الواعية التي تحسن التصرف عند غياب زوجها، كما تضيف أنّ للمرأة شؤون الرّجل لا يعرفها الرّجل وينبغي عليها الاطلاع على كل شيء، كما أنّ للرّجل شؤون يجب أنّ يطلع على حياتها وهمومها، والشّأن العام يلامس الأسرة كلّها وإذا تدمرت الاسرة تدمرت بنية المجتمع الخاصّة بنا.

وتؤكد أنّ المرأة يجب أن تكون في المجالس والأماكن العامّة وهذا يؤدي إلى صلاح المجتمع وتقدمه، كل شي في المجتمع مترابط المجال الاجتماعي والاقتصادي وكل شيء مرتبط بالسياسة، وإذا لم تكن المرأة في الحياة الاجتماعية فسيكون هناك نقص حتماً.

وهذا ما يضيفه الصّحفي أحمد العبسي بقوله إن هناك نساء في مجتمعنا تخشى الخوض في ممارسات خاطئة شرعاً وهذا الأمر يجعلهم أقل إقبالا من خلال مرجعيتها الدينية، ويؤكد أنّ تطوير فهم هذه المرجعيات يجعلها أكثر ثقة بما تقوم به.

  • انسحبنّ لأن وجودهنّ بدون جدوى.

وتتابع السّيدة عابدة العظم بأنّها قابلت بعض النّساء اللواتي انسحبن لشعورهنّ أنّه لا فائدة تذكر من وجودهنّ والضغوطات عليهنّ كبيرة، ليس السبب أنّهنّ نساء لكن لأن حجم الضّغط كبير والضغوطات الدولية كبيرة، والبعض الأخر كن يتعرضن من ضغوطات حتى من زملاءهن في نفس الخط، وتضيف "يبدو أنّه ما يزال هناك تصوّر أنّ المرأة عاطفية وضعيفة لا تستطيع اتخاذ قرار بمفردها وليس من تخصصها الأمور العامّة"، وتقول أنّ هذا عرّضهم لمشكلة حين أجبروا على اختيار تمثيل وتم عرض المكان على نساء عدة لأنّهم كانوا بحاجة تحقيق النّسبة لكن النّساء رفضن.

الصّحفية نور تؤكد أن وجود النّساء بالمستويات الدُّنيا يجعل القرار خارج عن إرادتهم رغم وجودهم بالتالي فمجهودهنّ يذهب للمستويات العليا، وبالتالي وإن لم يحدث انسحاب فسيكون هناك خيبة أمل وسمعتها كثيراً أثناء عملي في الصحافة "شو مفكرين حالكم عم تعلمو؟"

في أحد المشاريع تم إيقاف أحد النّشطات لأنّ القرار بيد رجل قرأه باستخفاف ورفضه لأنه صاحب القرار، بالمقابل هناك رجال دعمت عملنا وكانوا بأماكن سلطة وصنع قرار أيضاً ولا سيّما في العمل المدني، في حال تكررت وكانت بمستويات أكبر يمكن أنّ توقفنا".

  • دعم الأسرة أساس للمشاركة.

الصحفية نور ترى أنّ انسحاب النّساء من العمل بالشّأن العام يتعلق بعاملين أساسيين الحياة الشخصية والمجتمع المحيط، وأنّ أي امرأة ستواجه هذا التحدّي إمّا حياة شخصية مستقرّة أو عمل بالشّأن العام، وقلّة من المحظوظات اللواتي استطعن الجمع بين الأمرين، "معظم النّساء تختار البيت والعائلة بسبب عدم دعم الشّريك بشكل كافي وضغط المجتمع عليهما".

وهذا ما تراه كنده كواصلي التي أكّدت أنّ وجود بيئة داعمة من زوج وعائلة وأب ودوائر قريبة منها تشجعها وتقويها من أهم الأسباب الدّاعمة لأن الطّريق ليس سهلاً والمجتمع في حالة اضطراب، وهناك شريحة كبيرة تمانع العمل لاسيما المجتمع الأرياف حسب رأيها، وتضيف أنّ المدن الكبيرة كان مألوف فيها عمل المرأة بالقضايا العامة، لكن في مناطق أخرى كان هناك استهجان، إضافة إلى ردات فعل المجتمع العنيفة في الواقع ووسائل التواصل الاجتماعي، وتؤكد أنّ المجتمع غير داعم والأسرة غير داعمة ووسائل التواصل ممانعة بالتّالي ستواجه المرأة صعوبة بالغة.

السّيدة ربا حبوش تؤكد أيضاً وجود تحدّيات مختلفة وعلى أكثر من مستوى سياسي واجتماعي واقتصادي وظروف المرأة الشّخصية والعائلية في حال كانت مرتبطة، وتتابع أنّ الرّجال لا تمر بهذه التحديات من قبل العائلة، وتؤكّد أنّ العائلة لها دور مهمّ في مشاركتها، وإن لم تكن البيئة المحيطة داعمة لها فمن الممكن أن تتراجع.

الخبير في المجتمع السّوري يؤكد أنّ الضّغط الاجتماعي أيضاً أحد الأسباب "عند الوصول إلى السّاحة السياسيّة يقول الأهل غالباً "بلالك ياها" في حال وافقوا على المشاركة وعند أول اصطدام يعودون لتذكيرك 
"ما قلنالك بلاها"، وهذا من الأسرة والمجتمع بحد سواء.

  • التعليم، والضّغط الاقتصادي.

السّيدة كندة حواصلي تقول إنّ أهم سبب من أسباب عدم مشاركة المرأة في المجال العام هو ضعف التعليم، فهو حسب رأيها يعطي المرأة نوع من أنواع الثّقة بالنفس والتفكير المنفتح خارج إطار اهتماماتها ويرفع درجة الوعي والإيجابية، "كلما كانت المرأة متعلمة أكثر كل ما كان اهتمامها بالعمل السياسي أكبر"، وتتابع أنّ هذا لا ينفي وجود نساء غير متعلمات او بدرجة تعليمية قليلة وساهموا في الشّأن العام.

وترى حواصلي أنّ السّبب الثّاني في الأهمّية هو تأمين احتياجات المرأة الأساسيّة، كلما كانت مؤمنة تستطيع أن تجد الاهتمام أكثر، من الممكن أن تجدي امرأة ملبى احتياجاتها وليست مهتمة، ولكن إذا كانت مهتمّة لا تستطيع العمل دون تامين حاجاتها الأساسيّة فهو شرط لازم وغير كافي.

وهذا ما يؤكّده الخبير بأن الضّغط الاقتصادي أحد أسباب الانسحاب نتيجة عدم قدرتها على إيجاد فرصة عمل بحيث تنتج بينما الرّجل يعمل وبالتالي يستطيع المشاركة باجتماعات لأنّه آمن اقتصادياً بينما المرأة غير آمنة اقتصادياً، ففي الوقت الذي يجد فيه الرّجال عمل يساعدهم على الاعتماد على أنفسهم، تكون المرأة بحاجة شديدة إلى فرصة عمل.

  • التنمُّر والتحرش.

ويتابع بأنّ من أهم أسباب الانسحابات هو التحرش والتنمُّر بكل الأوساط، من قبل السياسيين العاملين معها، وعدم وجود بيئة داخلية صديقة للمرأة، فلا يوجد تمييز إيجابي يسمح للمرأة أنّ يكون صوتها مسموع ودوماً هناك كتم على صوتها فتشعر باليأس.

  • الضغط الاجتماعي.

وتقول كندة حواصلي أنّ الذّكاء الاجتماعي وحسن تصرّف المرأة المشاركة مع المجتمع أساسي في استمرارها، "كسيدة من مجتمع محافظ من الخطأ استفزازه لأنّ هذا سيكون ضدّها بعض النساء مؤهلات ولكن دخلوا بمعارك جانبية"، وترى كندة أنه من الخطأ تحميل المجتمع المسؤولية وفي بعض الأحيان السّيدة العاملة هي مصدر الخطأ وقد تصرفت بشكل غير صحيح، فالمجتمع غير مهيأ لمشاركة المرأة قد يتقبلها بشروط وقد يعاديها بشروط، وتضيف أنّ مهاجمة النّساء قد تسبب إحجام لسيدات أخريات، أيضاً أنّ محاسبة الخطأ للسياسي يكون بالهجوم الشّخصي وليس بمعالجة الخطأ نفسه، وبدل نقد التصرف نقد الشخص، وتتابع أنّ مشكلة تحطيم الأشخاص مشكلة كبيرة يواجهها النّساء والرّجال والنّساء بشكل أكبر إذ يتم الهجوم على شكلها ولباسها أحياناً.

ويؤكد الصحفي أحمد العبسي بأن طبيعة المجتمع الحاليّة التي تشكلت تحت "ضغوطات الاستبداد"، و"النظام الديكتاتوري العسكري"، تعطي الأولوية للرجل في كل شيء بشكل خاطئ، ولا بدّ من إعادة الإنصاف والعدالة للمرأة، وهو تحدٍّ كبير على الجميع مواجهته. 

مثلاً الأمر الذي يجعل المرأة أكثر تردداً من الرجال في سعيها للتصدي لأماكن قيادية مليئة بالصراعات، ذلك لأن طريقة الاعتداء التي يتم ممارسته عليها قاسية جداً، فمثلاً المجتمع لا يتأثر باتهام رجل بشرفه، لكن المرأة تخشى ذلك الأمر الذي يؤثر على دخولها في الصراع السياسي، ويتابع قوله "الصراعات السياسية مفتوحة ويمكن الهجوم فيها بأي شيء" ويؤكد أن هذا الأمر ظلم المرأة وأقصاها عن الساحة لاسيما في 50 سنة الأخيرة.

ويضيف أن تقييم النساء من اللباس جزء من التحدّيات الذي فرضه الصراع بين ثقافة المجتمع والثقافة الواردة، ويقول إن النظرة السائدة للمرأة المحجبة كانت نظرة تقدير واحترام على عكس النظرة للمرأة غير المحجبة بأنها اقل أخلاقاً، وخلال السنوات الأخيرة أصبحت النظرة للمرأة غير المحجبة أنّها أكثر انفتاحا وقدرة على تفهم المجتمع والمحجبة أكثر تخلّفا واستسلاماً وانزواءً، كلا النظرتين أثرتا سلباً على تحديد خيارات المرأة.

  • أسباب بيولوجية طبيعية للابتعاد عن الصّراع.   

العبسي يضيف أن "السبب الأساسي وراء إحجام المرأة هو السبب البيولوجي"، فهو المؤثر في عدم مشاركة المرأة عموماً، ويقول إن المرأة غالباً بطبيعتها تبتعد عن أماكن الصراع وهي أكثر تأثراً عاطفيا بالصدمات المباشرة التي تنتجها الصراعات.

يشرح أحمد وجهة نظره بقوله: "المرأة تتأثر بالفقد وهذا الأمر فطري، يصعب عليها تجاوز الصدمات والانتقال إلى مراحل أخرى، لديها قدرة على التجاوز لكن بشكل أقل من الرجل، وغالباً ما تبقى حبيسة للانهيارات الكبرى في حياتها، بينما الرجل فقد تطورت طبيعته عبر العصور ليكون أقسى وأكثر تحملاً، من أيام رجل الكهف وهو يخوض الصراعات والحروب وحياة التوحش، طبيعته ومورثاته تم تطويرها عبر آلاف السنين لكي يكون أكثر قسوة وأكثر قدرة على تحمّل الصّدمات"، ويتابع أن المرأة تولّت مهامّاً تتطلّب الاهتمام والرعاية بالأبناء والجرحى بالحروب عبر التاريخ، الأمر الذي جعل طبيعتها ومورثاتها أكثر تعاطفاً وأقل قدرة على تحمل الصدمات.

ويتابع أن الحل هو حماية خيارات المجتمع، خيارات المرأة بشكل أساسي وعدم إجبارها على خوض صراعات لا تريدها عبر التنمر عليها بكلمات توصمها بالتخلف أو التبعية عندما تقرر أن تكون ربة منزل، وعدم ووضع مغريات لا منطقية في طريقها للخروج إلى نمط حياة لا تريده، لأن ذلك سيكون مدمر للمرأة على المدى البعيد، ومدمر للأسرة والمجتمع، "علينا أن نهتم بحرية المرأة قبل كل شيء، وحرية خياراتها المنطلقة من قناعاتها الراسخة، وليس عبر أي ضغوطات أخرى".

  • ضعف العمليّة السّياسيّة.

ويضيف الخبير أن العملية السّياسيّة كانت ضعيفة وكل ما زاد زخم العملية السّياسيّة زادت فرصة النّساء في المشاركة، ويؤكد أنّ المشاركة مرتبطة بالمناصرة حين يكون هناك عملية سياسية تنشط النّساء بالتّالي يكون هناك أثر لعمليات المناصرة، لكن حين تتوقف العملية السّياسيّة فليس هناك جدوى من مشاركتهن.

كندة حواصلي ترى أنّ تعيين النّساء بالمحاصصات بين الأجسام السّياسيّة لا يجدي نفعاً وأنّه قلل من المشاركة الفعّالة للنّساء، وتتحدّث عن بحث قامت به عن مشاركة المرأة السّياسيّة اعتمدت فيه على سيدات عملن في المجال السّياسي، ووجدت أنّ من أهم أسباب الاستبعاد المحاصصات التي تحدث بحيث كل تيار وحزب يقوم بحجز أكبر عدد من المقاعد لصالحه ولا يرضى بالتنازل عن جزء منه لصالح أي مكون، وثانياً لم توجد وجوه نسائية سياسية جيدة الوجوه القديمة تكررت نفسها، ثالثا قلة ثقة بكفاءة النّساء بجميع التيارات، "كانت حالة عامة في إقصاء للمرأة من المشاركة الفعلية، يتم تحييدها وعند الانتخابات لا يتم التصويت لها بإقصاء متعمد".

وتقول إنّ الحملات كانت بمثابة من يفيق من غيبوبة لم يكن هناك استعداد ولا ممارسة ومن المفروض على المرأة أن تشارك، وفي وضع قلّة الثّقة بين السوريين ولأول مرة يتعرفون على بعضهم البعض ويحدث بينهم اصطدام حول أفكار وتطلعات ورؤيا، في هذا الوضع قد لا يكون حالة إقصاء متعّمد بقدر ما كانت تخبط بالمسيّرة وهذا الأمر لم يكن ضد المرأة فقط بعيداً عن خطاب المظلومية، كان هناك إقصاء للشباب وللداخل أيضاً، كانت أوضح بالنّسبة للنساء لأنّها صورة بارزة في المشهد لكن الإقصاء كان لأكثر من طرف.

  • الاعتقالات أحد الأسباب.

وتضيف حوتري أنّ الاعتقالات كانت أداة شريرة جداً، لأنّ نظام الأسد يعرف التركيبة الاجتماعية وطبيعة العلاقات، وبمجرد خروج النّساء من المعتقل كان يتم سؤالهنّ من قبل أقربائها "عملولك شي؟" في إشارة إلى الاغتصاب الذي تتعرض له المعتقلات، استثمر خوف المجتمع كسلاح ضده، معظم الناجيات اللواتي خرجن من الاعتقال فقدن أدوارهنّ، بعد الاعتقال انكسرت قدرتهنّ على مواجهة المجتمع فضلاً عن مواجهة النّظام وكان هذا السّلاح شرير ودنيء.

وتتابع أنّ الرّهان في خروج المعتقلات السابقات من هذه الحالة هو على المجتمع نفسه وتوعيته وحجم تقبّلنا للناجيات، الاعتقال جريمة ولكن المعتقلة ليست السبب فيها، في الوقت الذي نقرر فيه أن نساعد النّاجية بأن تتابع دورها بعد خروجها ودعم حقّها في المشاركة بدون نظرة الشفقة المؤذية لها والحشرية الزّائدة في معرفة تفاصيل التعذيب الذي تعرضت له.

وهذا ما أكّده الصّحفي أحمد العبسي بأنّ اعتقال الفتيات كان سلاحاً بيد الأسد كما أصبح يهدد باعتقال الفتيات من أجل جلب الرّجال واستخدم هذا الأمر كسلاح آخر أيضاً.

الفصل الرابع: ما هو تأثير السّلاح؟

اتفق جميع من قابلتهم أنّ العسكرة دفعت بالمرأة خطوة إلى الوراء تبعا لطبيعة المجتمع التي لا تشارك المرأة في السّلاح فيها، وذلك من 2013م إلى 2016م تقريباً حين اشتدّت المواجهات العسكرية بين الأطراف.

النّائبة في الائتلاف المعارض ربا حبوش تقول إنّ مشاركة النّساء في البداية في الحراك الشّعبي كانت سلميّة على شكل مظاهرات لكنّ النّظام فرض السّلاح ومواجهات عسكرية، الأمر الّذي أجبر النّساء على العودة خطوة إلى الوراء ولكنّهم استمروا بالعمل السّياسي والمدني، وحين تصاعدت الأعمال المسلّحة اتجهت النّساء لعمل مختلف بسبب اختلاف طبيعة المرحلة، "لا أرى أنّ هناك تصاعد وهبوط بنسب كبيرة إنّما اختلاف في المواقع والأماكن". 

وتتابع أنّ النّساء بعد تحرير مناطق واسعة عادت لتأخذ دورها في العمل المدني، ولكن ظهور تنظيمات راديكالية حجّم من دورها، "10 سنوات احتوت مراحل كتير لكن كان هناك دور للنّساء في كل المراحل حسب الظرف والمرحلة".

الصّحفية نور ترى أنّ مشاركة المرأة كانت تتفاوت وأنها من 2013م ل 2016م قلّت النّسبة كثيراً، وتعلل ذلك بأنّ ارتفاع عمل منظمات المجتمع المّدني ساعد النّساء على المشاركة بشكل فعال، وأنّ الانخفاض حصل بسبب ازدياد القوى العسكرية على الأرض، انتشار التنظيمات والسّلاح كلها أثرت على تراجع دور النساء، الحالة الأمنية بالدّرجة الأولى وعاد للارتفاع بعد استقرار الحالة الأمنية ووجود منظمات المجتمع المدني.

الخبير في الشّأن السّوري يؤكد أنّ العمل السلمي يساعد النّساء على الظهور والعمل، ويكون عملهم أكبر بكثير من العمل المسلّح، لأنّهم يعملون في المجالات المختلفة الطّبي والتعليم ولكن لا يتصدرّن المشهد العسكري، وبالتّالي لا يشاركون إلا في المشهد السّياسي "العمل السّلمي يحضّر النّساء للواجهة أما المشهد العسكري يرجعهم إلى الوراء"، ويعلل ذلك بسبب طبيعة المجتمع الذي يجعل النّساء تتراجع أثناء العنف "لا يمكن أن تجدي امرأة قائدة فصيل، وليس من المعقول أن تطالبي 30ب بالمئة من الفصائل نساء".

كندة حواصلي خلال حديثها نوّهت أنّه حين تحوّل المشهد إلى العسكرة والقتال من طبيعي أّلا تشاهدي نساء فيه، انتقل دورهنّ لمواضيع الدّعم النّفسي والتّعليم والصّحة وبدأنا نرى النّشاطات التي تستهدف المرأة والقائمين عليها من النّساء، المرأة كانت موجودة دوماً ولكنها اختارت مواقع تشبهها أكثر، وفيما بعد بدأت تهتم بالسّياسة.

أعداد المعتقلات يؤكدّ لنا كم كانت النّساء مهتمة ومشاركة في الشّأن العام، لكن بعد سنوات من تشكيل العمل المدني المستقر نوعا ما أصبح هناك نساء صحفيات وطبيبات وغيرهنّ، "أي مشاركة للمرأة في مجال عام مهم" في الغوطة في أحد المرات قام أحد الفصائل باعتقال شبان فخرجت نساءهم باعتصام ومظاهرات إلى أن خرج أولادهم وهو شان عام بالاحتجاجات السلمية"، في جامعة حلب الحرة حين صدر قرار بإغلاق الجامعة خرج الطلاب والطالبات واحتججن أيضاً.

وتؤكد أنّ المجتمع يحتاج إلى دعم الاستقرار في البداية "ليس هناك عمليات سياسيّة حين تكون العمليات العسّكرية مستمرّة".

الصحفي أحمد العبسي يقول إن دور المرأة كان واسعاً، لكن حين أصبح الصراع عسكرياً عنفيّاً، قلل من دور المرأة، "في مجتمعنا لم يكن ولم يحدث أن كان للمرأة دور عسكري، إلّا في المشافي الميدانية غالباً. 

إضافة إلى ذلك ما فرضه الصراع العسكري من عبء مضاعف على المرأة فأصبحت معيلة في أحيان كثيرة، وأصبحت أكثر التصاقاً بالبيت، "لم تعد قادرة على المشاركة بسبب تغطيتها لحاجات اجتماعية أخرى"، ويرى أحمد أن هذا الدور قلل المجتمع من أهميته رغم مركزيته الكبيرة حسب وصفه، ويعزو ذلك "بسبب هيمنة النظرة الغربية التي لا تقدّر إلا المرأة العاملة خارج البيت". 

ويقول أحمد أن نظرة المجتمع كانت سيئة وغير منصفة للأرملة والمطلقة والمعتقلة، لذلك شعرت المرأة أنها مضطرة لتنزوي أمام هذه التحديات كبيرة، التي ينبغي علينا الوقوف إلى جانبها لتتجاوزها.

نيفين حوتري العضوة في الحركة النّسوية تقول في بداية الحراك الشّعبي كانت المرأة تشارك مع الرّجل جنباً إلى جنب في المظاهرات لكنّها انتقلت بعد العسكرة إلى الجّانب الطّبي، وبعد بدء العمل السّياسي انتقلت إلى الأعمال السّياسيّة.

وتشرح قائلة إنّه خلال 2011م كانت بداية التّجربة والحماس موجود ولم يكن السّياق الذي نعيشه حالياً، كانت النّساء والرّجال بنفس الصّف، وفيما بعد النّظام حرف المسار وأصبح النّزاع مسلّحاً، عدم استقرار كان من أكثر المعوقات لمشاركة المرأة، بعد بدء السّلاح في المعارك عادت النّساء خطوة إلى الوراء لأنّه ليس ملعبهم، وبعدها أصبح هناك انكسار كبير في المنحنى بعد دخول الفكر المتشدد في بعض المناطق وأصبح هناك انحراف للبوصلة، أصبح هناك تباين في نسبة المشاركة بين المناطق وكل ما كانت المنطقة مستقرة أكثر كان هناك مشاركة نسائية أكثر.

وتضيف أنّ المشاركة في أماكن قياديّة أمر حسّاس، حين يكون هناك معارضين لرجال في السياسة أقصى ما يمكن أن يتم الهجوم عليهم فيه أنهم فاسدون بينما السياسيّات يتم انتقادهم بشكل شخصي وبكلمات مسيئة وجارحة وبطريقة مهينة، ولا سيّما في الفيس بوك ويتم تعرية مواقفها وهذا الأمر أجبر كثير من النّساء لتتراجع لان المشاركة في السّياسيّة سوف تحرقها اجتماعيّاً.

"نحن في وضع متباين بين الحاجة الموجودة والضغوطات الكبيرة، ولا نعرف هل سيكون لنا دور حقيقي أم لا؟".

 

الباب الثالث: مستقبل المشاركة

الفصل الأول: كيف يمكن تشجيع النّساء على المشاركة؟

  • دعم الاستقرار.

تقول كندة حواصلي أنّ الوصول إلى الحل جذري يحتاج إلى حل طويل الأمد ونقاط نفوذ وثبات الخارطة، دعم الاستقرار سيغير من طبيعة المشاريع وتعاطي المجتمع مع الأمر، الاستقرار الأمني يمكن أن يساعد على فتح مشاريع صغيرة، عدم وجود استمرار التفجيرات والاستقرار اقتصادي شرط أساسي لأنّ المرأة تحتاج لتأمين احتياجاتها الأساسية لتعمل في الشّأن العام.

وثانياً ترى أنّ المدخل لتمكين النّساء هو التّعليم وترى أنّ حملات المناصرة يجب أن تروّج لأهمّيةا لتعليم كوسيلة وأداة للوصول إلى مشاركتها، وتشرح بأنّ العملية التّعليمية في الدّاخل غير مستقرة لا يوجد دعم مادي والجامعات بعيدة، ومعظم المشاريع التي تشمل النّساء افتراضية، وهناك احتياج للنساء المتعلمات في كل مجال، وتؤكّد أنّ إشراك المرأة في الشّأن العام ينبع من وعيها الأكاديمي والتعليمي ورفع ثقتها بنفسها ويساعدها في تأمين أدوات بحيث لو واجهت أمور تستطيع تجاوز هذه العقبات.

 وتشرح أنّ مشاركة المرأة تحتاج خطة طويلة الأمد تبدأ من خلق الاهتمام بالوعي السياسي فتتحرك نحو التغيير، بعض الحملات تتوقع أنّ المرأة تريد المشاركة والرّجل يمنعها، لكن الحقيقية أنّ هناك احتياجات أخرى غير ملباة ولذلك تنقصها المشاركة، لا يمكن أن أطلب من امرأة احتياجاتها الأساسية غير ملباة تعليمياً ولا صحياً ولا اغاثياً وأطلب منها المشاركة لو دعمتها بحملة مناصرة ووقفات احتجاجية، سيكون آخر اهتمامها المشاركة والتمثيل.

كما لا يمكن التغيير في وضع الحرب واعتباره كأنّه مجتمع مستقر، إذا أردت إشراكها يجب تأمين الاحتياجات الأساسية بنحو آمن ومريح ويكون المجتمع على درجة من الاستقرار والوعي، لذلك فإن أغلب الحملات تنحو بمنحى خاطئ ويتم مقاربة الأمر بشكل خاطئ لأنّ الفرضية المبدئية ليست صحيحة في مجتمعاتنا قد تكون صحيحة في مجتمعات أخرى، في مجتمعنا الرّجل والمرأة بحاجة لمشاركة وتمثيل وما زالوا بحالة حرب ودخول أفكار متطرفة جعل خسائرهم كبيرة، بالتّالي حملة المناصرة لن تجدي نفعاً.

  • توعية اجتماعية سياسية قانونيّة.

ربا حبوش تقول إنّ عدد من المسارات يجب العمل عليها، اجتماعياً و قانونياً و سياسياً من أجل إشراكها في الشّأن العام.

ترى ربا أنّنا بحاجة إلى وعي مجتمعي إضافة للسياسي، لأن النّساء قادرات على القيادة بمجتمعاتهن، وهنّ متواجدات في كل مكان حالياً، والتّغيير يبدأ من المجتمع حين يكون واعي لدور النّساء فسينعكس على الأدوار السّياسيّة أيضاً، وتضيف في الدُّول الديمقراطية كل الشّعب يعرف بالسّياسة لذلك أؤّكد على الوعي المجتمعي الحقيقي لإيصال النّساء لصناعة القرار، وأيضاً في حال وعي السّياسيين ومن في موقع قيادة من إدراك أهمية وجود النّساء، فهي عملية متكاملة. 

إضافة إلى تشجيع النّساء العاملات واستلهام قصص منهنً برؤيتهنَّ يعملنًّ وتواجه الصعوبات، كما يفترض توعية النّساء بقدراتها عن طريق الإطلاع على تجارب دول عاشت ظروف مشابهة لسوريا وساهمت النّساء بإعمارها، ألمانيا مثلاً.

وهذا ما أكّدته السيّدة ربا حبوش بأهميّة دعم المجتمع وأنّ الحملات يجب أن تكون بدون خلق عداوة مع الرّجال، وأنّ النّساء لا تستطيع العمل على المجتمع ككل بدون شراكة حقيقية مع الرّجال، "يفترض أن نقنعهم بأهمية دورنا كما أن تكون النّساء داعمة لبعضهن البعض"، وتأمين بيئة عمل مريحة قدر الإمكان لاسيّما في واقع صعب مثل واقعنا السّياسي، "الأجسام السّياسية السّورية تتحمل عبء بطء العملية السّياسية والضّغط على العاملين فيها كبير ولا يوجد بيئة مريحة داخل هذه الأجسام، كما لا يوجد توعية مجتمعية حقيقية".

يضاف إلى ذلك العمل على حملات توعية حقيقية تخلق داعمين وحلفاء حملات مدروسة وليس عشوائية تخلق لهم عداوات، المرأة قادرة أن تصل إلى احتياجات النّساء أكثر من الرّجل، هي ليست تحدي إطلاقا إنّما شراكة تشمل كلّ شيء.

يفترض أن تكون هذه الحملات ليست بدفع من الأمم المتّحدة أو جهات خارجية، بل لأننا بحاجة وتبحث عن الشّخص المناسب في المكان المناسب، وهذا الموضوع تحمل مسؤوليته النّساء التّي يفترض أن تكون فاعلة ومؤثرة في مكانها وليست بشكل شكلي، فعندما نقول إنّ نسبة الوجود 30% تكون الفعالية 15%.

نشر قصص نجاح لنساء يعملن في المجال السّياسي جزء من الدّعم والمناصرة في كل المستويات استطاعت المرأة أن تثبت ذلك وفي كل المجالات إّلا السّياسي وصناعة القرار، هناك نسبة موجودة قليلة من المشاركات.

وتضيف حبوش أنّ من أجل زيادة فعاليّة الحملات عليها أن تشرك معظم المنظمات النّسائية والنسوية والشّخصيات المؤثرة تمتد بشكل أفقي وعامودي، لديها أهدافها واضحة ويكون هناك تضامن بين النّساء بشكل حقيقي وإن اختلفوا بالأفكار والتوجهات، أكبر داعم للنّساء هو النّساء، ويفترض أن نعزز فكرة أنّنا شركاء للرّجال دون أن نستعديهم ولا أن يكون تطرف بالأفكار النّسوية، هذا الأمر منفر بل أن نشارك الرّجال بأنّهم شركاء الحل.

واقترحت السّيدة ربا "ربما يكون العمل بشكل أفقي وعامودي أكثر جدوى، لمواقع صنع القرار وسياسيين ومنظمات نسائية في ذات الوقت".

  • الاستناد إلى مرجعيّات المجتمع.

الصحفي أحمد العبسي يقول "حين أطرح مشكلة المرأة بناء على مرجعيات المجتمع سأصل إلى حلول أكثر ثباتاً من أي حل خارجي، فالحلول الخارجية سواء كانت صحيحة أو خاطئة سوف تصادم المجتمع لأنه سيشعر أنها تحدي لهويته الذاتية، في تلك اللحظة لن يستوعب المجتمع المشكلة بين المرأة والرجل، بل ستصبح مشكلة تهدد الثقافة والهوية والمرجعية"، ويرى أنّه لا بدّ للحلول الواردة أن تحتوي على أخطاء كثيرة لأن إنتاجها تمّ في مجتمعات مختلفة بظروف مختلفة والتجارب التي انتجتها مختلفة، "عندما يتم سحب هذه الحلول ووضعها في مجتمعاتنا لن تنجح، بل ستزيد المشكلة تفاقماً وتوّلد الكثير من الصراعات، ولن يكون الحل ذو استدامه".

أمّا بالنسبة لإشراك المرأة في الحياة السياسية فيرى أنّه سيساهم في تحقيق السلام والامن، "لأنها بطبيعتها أميل للاستقرار، وهي بطبيعتها تنسحب من الصراعات وتتجنب الكوارث والحروب"، ويقول إنّ إشراك المرأة في مباحثات السلام يزيد فرص السلام أكثر ونحتاج جهود النساء كفاعلية حقيقية في هذا الميدان، "عالم تقوده النساء عالم أكثر استقراراً"، أمّا كيفيّة تشجيع النساء فهو "سؤال صعب" حسب رأيه، "حملات المناصرة مهمة جداً القوانين والتشريعات مهمة أيضاً وإعادة فهم دور المرأة من خلال الثقافة التي تنتمي إليها مهم جداً".

  • التمكين المعرفي.

خبير في الشّأن السّوري يقول إنّ الطّريقة الأهم لتشجيع النّساء للمشاركة هي التمكين المعرفي وبناء معرفتهنّ، أحد الأسباب التي تمنع النّساء من المشاركة ظنهنّ أنّهنّ لا يعرفن بشكل جيّد وأنّهم غير مؤهلات وأنّ الرجال يعرفون بشكل أكبر، ومن الأسباب أيضاً أنّهم يعتقدون عدم جدوى مشاركتهم.

ولكن حين يتم تدربيهنّ وتعمليهنّ وتمكينهنّ من المعرفة يستطعن تمييز وقراءة ما يحدث ويدركنّ أنّهنّ قادرات على المشاركة، والأمر الأخر هو توفير مساحة آمنة للعمل السّياسي، والأمر الأخير هو التّمكين الاقتصادي كي تكون قوية وقادرة وليست معتمدة.

ويتابع أن هناك 3 شروط أساسية لنجاح حملات المناصرة لإشراك النّساء في السّياسة، الأول هو توفر المناخ السّياسي، وتوفر دور للعملية السّياسية، وقيام النّساء بهذا الدّور، ووجود دعم خارجي، ويؤكد أنّ تقوم هذه الحملات بإشّراك جميع الأطياف وأنّ الحملات القاّئمة على الإقصاء لا تؤدي إلى نتيجة مرضية، إضافة إلى بناء حاضنة اجتماعية لعملية المناصرة بين جميع الأوساط، الليبراليين والمحافظين الموالين والمعارضين داخل سوريا وخارجها وإلّا فلن يكون هناك نتيجة جيّدة للمناصرة.

وتضيف الصّحفية نور أنّنا لا يكفي أن نسلّط الضّوء على قصص النّجاح بل أن نصنعها، مثل تسليم النّساء لمكان مهمّ ونصنع منهم قصص نجاح، بحيث لا نكتفي بالمناصرة بل بخلق هذه النّماذج.

الفصل الثالث: هل الكوتا حل جيّد؟

تضع الكثير من منظمات المجتمع المدني شرط وضع حصة للنّساء بما يسمى "الكوتا" وتختلف من مكان لأخر يتفق الكثير على أن تكون مساويه ل 30% من النّساء بحيث تحقق ما يقارب النصف وبنفس الوقت لا تقلل من كفاءة المجموع كله.

الصّحفيّة نور تقول إن الكوتا ليست حل نهائي، فلا يكفي أن أضع نسبة يفترض أن أعرف لمن ستذهب، هل تؤثر في صناعة القرار وهل تتواجد النّساء في مكان مؤثر وفعّال، قد لا يستطيع المانح ملاحقة كل هذه التفاصيل لكنّها ضرورية من أجل نجاح مآلات القانون.

نيفين حوتري ترى أنّ اشتراط بعض المنظّمات لوجود حصة للنّساء في قانون كوتا بشكل صارم هو ضروري ولصالح النّساء كي تجبر المنظّمات من أجل استمرار مشاريعهم، وتضيف "للأسف نسبة صغيرة في المجتمع يؤمن بأهميّة دور النّساء وقدرتها على المشاركة".

وتقول إنّ هناك مؤشرات فعليّة بأنّ نسبة كبيرة من التوجه لدعم النّساء هي بجهود خارجية، لكن من نظرة أخرى المانح الأوروبي حين يعطي هذه الفرصة باتجاه وجود النّساء فالسؤال هنا كم حجم الاستفادة من هذه الفرصة؟ هل سنستفيد من هذا الإجراء لإنجاح قضيتنا أم سيكون الإجراء شكليّاً؟ ويكون وجود القانون سلاح ضدنا.

من المهمّ أن نستثمر الضّغط باتجاه وجودنا بطريقة صحيحة، قد تأتي بعض المشاريع المصمّمة في مناطق لا تتناسب مع احتياجاتنا كنساء في المنطقة، ولذلك نحاول خلال لقاءاتنا مع المانحين أنّ يكون ضغط باتجاه وجودنا ومصمم على بناء احتياجاتنا حتي نستطيع استثمار النتائج.

وتؤكد أنّه حين تكون المرأة في مكان ما مدعوم من مواقع صنع القرار يفترض أن تكون كفؤ ولديها أهليّة وقوة بما يكفي لدعم النّساء للوصول من بعدها، وتضيف أنّنا نطلب اليوم أن يكون هناك كوتا لكن في المستقبل يفترض أن نطلب أن تصل الكفاءات، والتمييز الإيجابي مفيد حالياً فقط لأن الطّريق غير سالك.

كما تجد نيفين أنّ مناصرة النّساء لبعضهنّ البعض تجاه أي شخص أو جهة يتعرض لهنّ، إضافة إلى تشجيع ودعم النّساء العاملات في المجال، وحين نعمل على قضايا النّساء ليس لأنّها مشاريع رابحة فقط بل لأنّها هادفة، فالمشاريع التّي تقوم من أجل التّسويق تُفشل القضية، وترى نيفين من المهم وضع قوانين تحفظ حقوق النّساء وتطبق القوانين مثل كوتا في الإدارة المحليّة 30 % من النّساء.

النّائبة ربا حبوش تقول إنّ النّسبة ارتفعت بشكل طفيف حوالي 2 % فقط رغم وجود قانون ألّا تقل نسبة الّنساء عن 15 % لكن الموضوع عليه خلاف بموضوع الكوتا، هناك من يرفض وضع القانون ويقول ألّا مشكلة لو وصلت نسبة النّساء إلى 50% ويرفضون تأطير النّساء بهذه النّسبة.

أنا لست من مناصرين الكوتا بشكل دائم، لكنّني مع أن تكون موجودة ومحددة بمدّة زمنية، وما إن تعي النّساء لأهمية دورهنّ يكون بالإمكان إلغاءها لأنّ المجتمع سيدفع بشكل إيجابي للوصول وهو حل مؤقت وتمييز إيجابي لكن يفترض أن يكون مؤقت، ويهمني في النّهاية أنّ يصل الشّخص المناسب للمكان المناسب ذكر كان أو انثى، لكن هذا الأمر يتطلب وقتاً للوصول إلى هذا الوعي.

الصحفي أحمد العبسي يوافق فكرة أن وجود الكوتا مهم للحل ولكن على أن تكون مؤقتة، فالمرأة تم تهميشها، وتحتاج للدعم في هذا المكان،  ولكن يجب أن تكون مؤقته "كي لا نحشد للمرأة بشكل إجباري في المواقع السياسية، بشكل يضر بالمرأة وبتلك المواقع، فعلينا أن نعرف إن كانت ترغب فعلاً أن تكون موجودة أم لا، وعلينا أن نحافظ على عنصر الكفاءة في الأماكن القيادة"، ويتابع أنّ الكوتا ستساعد المرأة وتعطيها وقتاً جيداً لإعداد نفسها وانتزاع أماكنها بكفاءة عالية إن أحبّت ذلك، وربما تستطيع انتزاع نسب تمثيل أعلى من الكوتا عندما يصبح الأمر متعلق بمعيار الكفاءة. 

ويضيف أن الكوتا حل مؤقت لإجبار القوى السياسية على تمثيل المرأة وإتاحة المجال لها، وبالتالي سوف تضطر هذه القوى لتدريبها ورفع كفاءتها كي تستطيع التنافس على المقاعد المخصصة للمرأة فيما بعد، وبالتالي لن يكون التمثيل شكلي لأن كل حزب مضطر أن يكون لديه تمثيل أعلى، وسيعمل على تمكين النساء المنتسبات له بمعايير وجودة قادرة على المنافسة. 

الفصل الثالث: هل هناك دور مستقبلي للنّساء في سوريا؟

الصّحفية نور تقول: "لديّ إيمان كبير أنّ السّلام في سوريا والمحبة لن يصنع إلا بيد النّساء، من المستوى العاطفي للعقلي للمشاركة للقرارات فهي أكثر فاعلية".

ربا حبوش تقول: "سيكون وجود للمرأة ولكن ليس كبير، ويعود هذا لتوقيت الحل وطبيعته، نحن متمسكين بالحلّ السّياسي وفق القرارات الدولية ونريد مسائلة ومحاسبة وعدالة انتقالية ولكن هل سيكون هذا هو الحل المطروح؟

لكن كساحة صراعات دولية يتعلق الأمر بشكل الحلّ والمدة الزمنية والوعي الاجتماعي والأجسام السّياسية المشاركة، لكنني أرى الدور قليل ليس كما يجب وأتمنّى أنّ يكون من تيارات وتوجهات مختلفة وتنوع حقيقي من النّساء الموجودات"

الصحفي أحمد العبسي يقول: "الأمر يتعلّق بالنساء أنفسهنّ كم هنّ جادات ليكون لهن دور، إذا لم تكن المرأة جادة وتنافح عن وجودها وتعمل على الموازنة بين المجتمع وبين الثقافة والهوية والواقع وتوجد لها كيانها المستقل لن تستطيع أن تؤدي أي دور حقيقي وسيبقى شكلي في المرحلة القادمة، تحتاج المرأة أن تتمتع بالجديّة الكاملة والدفاع عن حقوقها بقوة لتستطيع الاستمرار، وعليها أن تقدم نماذج قادرة على الصمود دون أن تحارب المجتمع، بل على العكس، يجب أن يكون عنوان وجودها القادم التكامل مع المجتمع وليس مواجهته، وإلا فستكون ضحية قادمة لا أكثر". 

نيفين حوتري تقول: "التّي خرجت في بداية المظاهرات بال 2011 م مع الرّجل واعتقلت معه وتهجرت معه من المؤكّد أنّها سترسم المستقبل معه، لن نصل إلى ثمرة التّجربة المريرة التي خضناها إذا لم يكن إشراك حقيقي لجميع أطياف المجتمع بنسائه ورجاله، هذا يحتّم علينا العمل على خطوات مدروسة أكثر، وحملات مناصرة متكاملة يشترك فيها الجميع دون خشية من أطراف، هذا الأمر سيجعل السنوات القادمة أفضل، وسوريا المستقبل لا يمكن أن تكون بدون توازن جذري".

السّيدة عابدة العظم تقول: "المرأة واعية جداً بسببب الظّروف التي مرت عليها وربّما أصبحت أكثر وعياً، كثير من الاستشارات الأسرية ألاحظ فيها المرأة أكثر بعداً للنظر، أصبح لدى المرأة وعي سياسي اجتماعي اقتصادي، سيكون لها دور لاسيما بعد أن دخلت كل المعتركات، صحيح العدد قليل لكن نوعية النّساء على وعي عالي وواضح جداً فقد أصبحت تشارك بكفاءة كبيرة، وجود المرأة ضروري كما وجود الرّجل بنفس العمق والعدد، وهذه الحملات تنبهنا لللثغرات الموجودة في مجتمعنا".

الخبير في الشّأن السّوري يقول: "أتمنّى أن أرى حلّ في المرحلة المقبلة، لكنّني لا أرى حلّ للسوريين رجالهم ونسائهم وما يزال الحلّ متعثّراً".

 

الباب الرابع: الأرقام وتحليلات، كيف ينظر الجُّمهور لعمل المرأة؟

قمت بإجراء استبيان ل 184 شخص منهم 107 من النّساء و77 من الرّجال طرحنا أسئلة متناسبة مع كل جنس في أنحاء متعدّدة من سوريا.

وجهت استبيانين أحدهم موجه للنّساء والأخر للرّجال من أجل سهولة فرز الآراء:

أسئلة الاستبيان: 

  • شخصياً أفضّل مشاركة المرأة في الشأن العام:
  • أنا كرجل لدي رغبة في إشراك (زوجتي، أختي، ابنتي ..) بالشأن العام (في استبيان الخاص بالرجال)
  • في حال اخترت العمل وفق شروط، ماهي الشّروط التي تضعها؟
  • أنا كامرأة لدي رغبة في المشاركة في الشّأن العام (في الاستبيان الخاص بالنّساء)
  • قرار عمل المرأة في الشّأن العام يتطلّب موافقة الرجل في العائلة؟
  • تغيرت قناعاتي بمشاركة المرأة في الشّأن العام؟
  • في حال تغيرت قناعاتك بمشاركة المرأة، هل كانت نحو الانفتاح أم الانغلاق أكثر؟
  • ما مدى توافقك مع عبارة "يمكن للمرأة أن ترأس مجموعة مختلطة من الرّجال والنّساء"؟
  • ما مدى توافقك مع عبارة؟ "الرّجل أكثر كفاءة في الشّأن العام"؟
  • في حال كانت اجابتك أنّ الرّجل أكثر كفاءة، ما هو السبب؟
  • أكثر مصدر أستمد منه قناعاتي: (الأصدقاء-وسائل التواصل-الكتب-المحاضرات -أخرى)
  • أتابع قضايا المرأة بشكل دائم:
  • أكثر ما يهمني في قضية مشاركة المرأة في الشّأن العام:
  • أكثر العوامل التي تدعوني لتغيير قناعاتي؟
  • أكثر وسيلة إعلام أثرت في قناعاتي "اسم الوسيلة".
  • أكثر مقالة أو مادة صحفية أثرت في قناعاتي حول مشاركة المرأة "اسم المقالة".
  • ما مدى توافقك مع العبارة "المرأة لا تصلح للسّياسة"؟
  • ما مدى توافقك مع العبارة "الرّجل أكثر حنكة سياسية"؟
  • هل حضرت ندوات خاصة بالنّساء؟
  • في حال حضرت ندوات أو ورشات عمل، ماهي الورشات التي قمت بحضورها؟ "المطلوب ذكر أكثر ورشة أثرت فيك".
  • الجهات الأكثر تأثيراُ في عمل المرأة في الشّأن العام؟
  • اسم أكثر مؤسسة مؤثرة في مشاركة المرأة في الشأن العام؟
  • هناك صفات معينة للمرأة يجب أن تكون متواجدة كي تستطيع المشاركة في الشّأن العام؟
  • في حال موافقتك على الفكرة السابقة، ما هي الصفات؟
  • أكثر مدة شاركت فيها المرأة بشكل فعّال في الشّأن العام؟
  • ما هي أسباب انخفاض وارتفاع مشاركة المرأة في الشّأن العام؟
  • ما هو الدور الذي يمكن أن تلعبه المرأة السّورية في سوريا المستقبل بشكل أكبر؟ "يمكن اختيار أكثر من دور" (الدّور السّياسي – التّربوي – التّعليمي – الطبي ..).

شارك في الاستبيان 107 من النّساء 3 منهم في تركيا و7 في شمال شرق و13 في مناطق سيطرة الحكومة والمعظم الباقي 84 في شمال غرب، وتم اختيار المشاركين من العاملات في الشّأن العام حسب قدرتي ووصولي إلى المناطق، وقد تتغير النتائج بتغير العينة التي أجابت على الأسئلة لكن الاستبيان يعطي مؤشرات ذات معنى:

70% من المشاركات كانت أعمارهن من 18 إلى 30 (الفئة الأكثر فاعلية في المجتمع)

24% أكبر من 30 عاماً

77% من المشاركات يحملون شهادة جامعية إضافة إلى 6% يحملون دراسات عليا

شارك في الاستبيان من 77 من الرجال منهم 10 في تركيا و1 في الأردن و1 في السعودية و3 في القامشلي و1 في قطر و1 في أوروبا و40 منهم وهم المعظم في شمال غرب أيضاً، ولم أستطع الوصول إلى مناطق الحكومة في فئة الرّجال وتوزعت الأعمار بشكل أكبر:

35% من 18 إلى 30 عاماً

30 % أكثر المشاركين من 30 إلى 35 عاماً

وكان هناك 17 مشارك بنسبة 22% أكبر من 35 عاما

الفرق بالتّعليم كان واضحا ف72% من المشاركين هم جامعين و20 % بما يساوي 16 مشارك لديهم دراسات عليا ولا أحد منهم أقل من المستوى الجامعي، وهذا يفسر وجود نسبة كبيرة من المتعلمين الرّجال بدراسات عليا في العاملين بالشّأن العام مقارنة بالنّساء وهذا ما ينعكس على الكفاءات لاحقاً.

54% من النّساء يفضلون مشاركة المرأة في الشّأن العام 19% يقفون على الحياد من الأمر و3% فقط لا يفضلون مشاركتها

بينما 63% لديهم رغبة بالمشاركة ومنهم 33% لديهم رغبة شديدة 20% منهم يعملون وفق شروط وواحدة فقط أجابت ب "يستحيل أن أعمل في الشّأن العام"

31% من الرّجال وهم النسبة الغالبة وقفوا على الحياد من قضية "أفضّل مشاركة المرأة في الشّأن العام" وبنسبة أقل 26% من الموافقين بشدة والنسبة الأقل 9% من غير الموافقين تماماً

أما في السؤال حول مشاركة قريباتهنّ فذهب الغالبية 40% إلى وضع شروط، والاقل منهم 25% ليس لديهم مشكلة و9% من المشاركين يستحيل أن يوافقوا لعمل قريباتهنّ في الشّأن العام و12% لديهم رغبة كبيرة.

ومن الشروط التي وضعوها احترام خصوصية النّساء دون ضغط أو إكراه، ووجود مدونات سلوك صريحة وواضحة واحترام قيم المجتمع، وضمان حقوق المرأة في العمل، وأن تكون أوقات الدوام مناسبة لها، وألّا تتعارض مع واجباتها الأسرية حسب وصف البعض، والحد من التحرش في العمل ومنع التمييز، إضافة إلى قرب العمل من مكان سكنها وعدم اجهادها ومراعاة وجود أطفالها، وألّا يكون العمل بساعات طويلة، ومنهم من ذهب إلى ضرورة عدم الاختلاط والبعض الآخر فضل "أي عمل ما عدا السياسي".

وأعلّق هنا أنّ هذه الأمور لو تم التعامل معها بجدية من وجود لوائح ومدونات سلوك تمنع التّحرش والتّمييز والتّنمر، وأنّ يكون الوسط أكثر أمناً هذه الأمور قد تساعد المرأة في دعم أسرتها لها، لكن الخشية من تعرض النّساء لمثل هذه المواقف دون وجود حماية هو ما يحوّل المواقف إلى سلبيّة منها لا سيّما مع قلة الوعي، إضافة إلى مراعاة خصوصية المرأة عند وجود أطفال صغار في العمر قد يحتاجون الرّعاية بشكل أكبر.

تباينت الآراء في مسألة إن كان العمل في الشّأن العام يتطلب موافقة الرّجل في العائلة أم لا، لكن الغالبية 31 مشاركة بنسبة 29% ذهبنّ إلى أنّ العمل في الشّأن العام يتطلب موافقة الرّجل، و23 % وقفنّ على الحياد والقلة ذهبنّ إلى أن العمل لا يتطلب موافقة، وهذا المؤشر يدل على أهميّة دعم العائلة في حال رغبت المرأة المشاركة في الشّأن العام.

بينما ذهب معظم الرّجال أكثر من النّصف إلى أن عمل المرأة يتطلب موافقة الرّجل بنسبة 57% و5% فقط ذهبوا إلى أنّ العمل لا يتطلب موافقة الرّجل، وهنا نجد فرقاً واضحا ًفي النّسبة لأن مجتمعاتنا قائمة على الأسر ودعم الرّجل لاسيّما الشّريك أساسي في عمل المرأة، وقد يكون اتخاذ قرارات النّساء بشكل منفصل قد يخلق مجتمعاً بهوية مختلفة كليّاً وهذا ما يخشاه ممانعي انخراط المرأة في الشّأن العام، وبرأيي الشّخصي أعزو هذا الاحتداد لضعف الثّقة بالقوانين والمبادئ العامّة التي تحكم المجتمع والاتفاق عليها في عقد اجتماعي واضح.

وفي سؤال حول تغيير قناعاتهنّ في مشاركة المرأة في الشّأن العام وهل تغيرت أم لا؟ كانت النتائج شبه متساوية الأمر الذي ينبئ بتغيرات مختلفة حسب تجارب وشخصية كلٍ منهنّ، لكن في السؤال التالي أكثر من 50% قالو أنّها تغيرت نحو الانفتاح و2 فقط نحو الانغلاق والبقية بدرجات مختلفة.

أما في استبيان الرجال فنجد أن 38% منهم لم تتغير قناعاتهم و27% حياديون و7% فقط هم من تغيرت مواقفهم حول مشاركة المرأة، ولكن النسبة الأكبر ذهبت إلى أن التغير كان نحو الانفتاح بنسبة 25% مقابل 7% نحو الانغلاق وبقي المحايدون النسبة الأكبر، وأعزو ذلك لعدم مشاركة الرجال في الورشات الخاصة بالنساء التي تناقش مشكلاتهنّ، ولو تم النّقاش بصورة أكبر ودوائر أوسع لكانت النسبة مختلفة. 

وفي السؤال حول إمكانية المرأة أن ترأس مجموعة مختلطة من الرّجال والنّساء، ما يقارب النصف أجبن بأنه يمكنها ذلك، وذهبت 36% منهنّ أنّ الرّجل ليس أكثر كفاءة في الشّأن العام 23% منهنّ وقفن على الحياد فيما قالت 9% منهنّ أنّ الرّجل أكثر كفاءة.

وعنّد سؤالهنّ عن السّبب أجابت إحداهنّ أنّ الاعتقاد السّائد أنّ الرّجل أكثر كفاءة فهو نتيجة الموروث الاجتماعي والعادات والتقاليد التي همّشت دور المرأة معتقدين أنّ دورها لا يتجاوز ربّة منزل مع غياب الثقّافة والوعي، بينما قالت أخريات أنّ الرّجل أكثر صلابة نفسياً وقدرته على السيطرة على مشاعره أكبر، وأضافت أخرى أن ّالرّجل لديه خبرة طويلة بحيث يستطيع مخالطة النّاس أكثر ويتحمل الضّغط بشكل أكبر، وذهبت البعض منهن إلى أنّه لا يمكن التعميم في هذه المسألة.

أما الرّجال فقد كانت نسباً مختلفة كلياً، إذ ذهب 29% منهم وهم الأغلبية إلى أنه لا يمكن للمرأة أن ترأس مجموعة مختلطة من الرّجال والنّساء، ونسبة الحياد كانت في الدّرجة الثّانية 23% والأقل من قال إنّه يمكنها أن ترأس بنسبة 18%.

وهنا نجد عدم ثقة الرّجال بكفاءة المرأة واضحاً وقد تفسره الكفاءات الموجودة لدى النّساء في البداية بعض هذه النّسب، وقد تزيد الكوتا النّسائية هذه الفجوة في عدم الثّقة بجلب نساء غير كفؤات من أجل ردم الهوّة، وبالتّالي يتطلب الأمر بالتوازي مع فرض الكوتا تدريب النّساء العاملات ورفع كفاءاتهنّ بشكل مدروس.

وذهب27% من المشاركين بأنّ الرّجل أكثر كفاءة في الشّأن العام، و26% أخرين بذات النّتيجة وبدرجة أقل قليلاً، بينما وقف 22% منهم على الحياد و18% رفضوا أفضليّة كفاءة الرّجل مطلقاً.

وعول المشاركون أنّ سهولة الحركة وطبيعة المجتمع وطبيعة الرّجل الذي لا تحكمه العاطفة والقوة والكفاءة وأن المرأة لديها مسؤوليات البيت، إضافة إلى القدرة على تحمّل الضّغط وعدم وجود قيود مجتمعية وأنّ المرأة تتعرض لضغوط عدة كما أنّها أضعف حزماً، يضاف إلى ذلك الانتقادات التي قد تطالها، وذهب الكثير منهم إلى أنّه لا يوجد فرق بين الرّجل والمرأة بالكفاءات والقدرات، وفي رأيي الشّخصي هذه الفكرة هي الأقرب إلى المنطق إذ أن الكفاءة لا تتعلق بجنس الإنسان بل بمجهوده وتجاربه، لكن القيود المجتمعية قد تخلق مسبّبات غير حقيقيّة من أجل تعليل الواقع بطرق غير منطقيّة.

أمّا في مسألة القناعات فقد أجابت أكثر من نصف النّساء 58% منهنّ أنّها تستمدها من الكتب والمراجع العلميّة وما يقارب النصف 49% منهن من التدريبات، واحتلت وسائل الأصدقاء ذات المرتبة مع الأصدقاء بنسبة 28% لكل منهما، وتنوعت إجابات أخرى من الحياة والظروف والتجارب والواقع والمبادرات و3 اجابوا الإسلام والقران والسنة النبوية.

71% من المشاركين ذهبوا إلى أن الكتب والمراجع هي المصادر التي يستمدون منها قناعاتهم و47% أجابوا من التدريبات وورشات العمل، و20 % منهم من وسائل التواصل، إضافة إلى إجابات أخرى من تجارب الحياة ومن الشّريعة الإسلامية.

وعن العوامل التي تدعو لتغيير القناعات أجابت معظمهنّ أنّ التدريبات وورشات العمل في نسبة مضاعفة لوسائل التواصل والأصدقاء، وهذا يعطي مؤشراً بأهميّة الورشات للفاعلات مقارنة بوسائل التواصل التي تؤثر بعموم النّاس بشكل سطحي، كما أنّ لنقاشات الأصدقاء أهمية توازي المحاضرات وهذا يعطي أهمية لجلسات الحوار ومشاركة التجارب بشكل أكبر من ترندات الفيسبوك بكثير التي لم تنل أكثر من 8% من الأصوات.

وعن عوامل تغيير قناعات المشاركين أجاب الغالب أنّ التدريبات وورشات العمل بنسبة 50% وبعدها المحاضرات بنسبة 39% ومن ثم نقاشات الأصدقاء بنسبة 30% ولم تنل ترندات الفيس بوك أكثر من 10 %.

43% من النّساء يتابعن قضايا المرأة باهتمام و2% فقط لا يتابعنها، وتوزعت الباقي على بقية النّسبة لكنهم في المعظم متابعات للأمر وهذا طبيعي لأن العينة يعملن في أمور عامة.

وتنوّعت الإجابات حول أكثر ما يهمّهنّ في قضايا المرأة، الكثيرات منهنّ أجبن بأن وصول المرأة لمناصب قيادية وإدارية أكثر ما يهمّهنّ، وبدرجة ثانية أجبن أنّ حقوق المرأة وتفعيل دورها في المجتمع هو أكثر ما يهمّهنّ، ومنهنّ من أجاب أنّ تغيير دور المرأة النّمطي كربّة منزل ومشاركتها السّياسية وتطوير مهاراتها وحصولها على حريتها هي الأكثر أهميّة لديهنّ.

بينما وقف معظم المشاركين على الحياد بنسبة 40% في متابعة قضايا المرأة وبنسبة أقل 31% بمتابعة ولكن ليس باهتمام شديد والأقل هم غير المتابعين واجابوا أن أكثر ما يهمهم في قضايا المرأة أنّها نصف المجتمع وهي من يستطيع أن يوصل احتياجات ذلك النّصف ويعمل له لإيجاد حلول مناسبة، وقال البعض إن إعطائها حقوقها هو الأكثر أهميّة، وأجاب البعض أنّ تمثيلها في جميع الشّرائح هو الأهم، والغالبية ذهب إلى أهميتها في قضايا المرأة وأنّ هناك فجوة لا يسدّها إلا وجود المرأة. 

لكن في ذات الوقت معظم المشاركات اعتبرن الفيس بوك وسيلة إعلامية مهمة، ومنهنّ ذكرن وسائل أخرى مثل فرانس 24 BBC وتاء مربوطة والجزيرة الوثائقية وJINtv  وعنب بلدي وأخبارنا سوريا ستريم ونسيج ورصيف 22 وصحيفة حبر، كما ذكرن بعض المقالات التي أثرت فيهنّ نذكر منها:

النّساء والسّلام لمها المعوض – اللجنة الدستورية إقصاء مزدوج للمرأة والكرد – المشاركة السّياسية للمرأة رابطة النّساء السّوريات – لست قبيحة بما يكفي ديمة السكران – صاحبة الظل الطويل-أنا حرة القنيبي – المرأة نصف المجتمع وأكثر – مشاركة المرأة في الإدارة المحلية مركز عمران - النّساء في الثّورة السّورية "راتب شعبو"- المرأة في الإسلام.

وذكر المشاركون بعض وسائل الاعلام مثل تلفزيون سوريا وشبكة آسو وكتاب النّساء والحياة والبعض ذكر وسائل التواصل أيضاً.

أما المقالات فقد ذكروا المرأة في ظل الإسلام-وأهمية دور المرأة بحث ل "رندا عبد الحميد" – امرأة تفضح الجّمعيات النّسوية "أحمد العمري" – دور المرأة في المجتمع أدوار ومخاطر.

وعن سؤال مدى توافقهن مع عبارة المرأة لا تصلح للسّياسة، أجابت أكثر من النصف 58%منهنّ بالرّفض و3% فقط وافقوا على المقولة، لكن الآراء تباينت بعكس المقولة واعتبار الرّجل أكثر حنكة انخفضت النسبة الى 40% بالموافقة و25% وقفوا على الحياد.

وعن سؤال مدى توافقهم مع عبارة المرأة لا تصلح للسّياسة وقف المعظم على الحياد بنسبة 29% وتوزع البقية على الطرفين بنسبة أعلى من ناحية لا أوافق على المقولة، وفي عبارة الرّجل أكثر حنكة ذهب الغالب إلى الموافقة بنسبة 30% والأقل وقف على الحياد بينما ذهب 21% إلى عدم الموافقة.

50% من اللواتي شاركن في الاستبيان شاركوا بدورة واحدة أو أقل و40% منهن شاركن ب 3 دورات أو أكثر وهذا يؤكد تركيز التدريبات على فئة من النّساء دون الأخرى.

غالبية الرّجال 67% منهم حضروا دورة أو لم يحضروا أبدا رأيه، وحوالي 27% حضروا أكثر من 3 دورات وهذا يبين الفرق الكبير بين النّساء اللواتي حضرن بكثافة والرجال الّذين لم يحضروا رغم فعاليتهم بالمجتمع فمعظمهم بعيد عن هموم النّساء.

أكثر التدريبات المؤثرة بالنّساء كانت العنف القائم على النوع الاجتماعي وورشات التمكين السّياسي والحشد والمناصرة والقيادة والجندرة وورشات التحليل السّياسي.

والتدريبات المؤثرة بالرّجال المشاركين هي العنف القائم على النوع الاجتماعي والقانون الدولي ودور المرأة في الصمود الإيجابي وتمكين المرأة السّورية في السّياسة والحوكمة ومبادئ الحكم الرشيد والعدالة الانتقالية وإدارة الحالة وإدارة الضغوط النّفسية والمناصرة والمجتمع المدني والاعلام.

وأجمعت معظم المشاركات بنسبة 43% أنّ الأسرة هي الجهة الأكثر تأثيراُ في عمل المرأة في الشّأن العام تليها الجهات الإعلامية ب 29% تليها الجّهات السّياسية ب 24%، وهنا يتوضح التّأثير الاجتماعي لمشاركة المرأة بالدّائرة القريبة للأسرة والإعلام بما يفوق تأثير الجّهات السّياسية والقوانين التي تسنّها.

ويوافق الرّجال بنسبة 56% أنّ الأسرة هي الجّهة الأكثر تأثيراً ويليها الجّهات الإعلامية بنسبة 30% والجّهات السّياسية لا يولونها أكثر من 9% ويضيف البعض "المرأة بحد ذاتها" و"الجهات الدولية".

وعن الجّهات المؤثرة فإنّ معظم المشاركات ذكرنّ أسماء جهات ومنظمات نسائية محلية و3 فقط ذكروا جهات حكومية وإحداهنّ ذكرت الأمم المتّحدة.

بينما ذكر المشاركون أسماء منظّمات المجتمع المدني بأنّها الأكثر تأثيراُ والمجالس المحلية والتشكيلات السّياسيّة بنسبة أقل والجهات الحكومية بنسبة أقل.

40% من المشاركات أكّدن ضرورة وجود صفات معينة للمرأة كي تستطيع المشاركة في الشّأن العام، منها الثّقافة العامة والقيادية والقوة والطّلاقة والثّقة بالنفس والتّحصيل العلمي الجّيد وامتلاك القرار والتحرر والقدرة على تحمّل المسؤولية ومهارات التواصل والقدرة على الاقناع والموضوعية والمرونة والحنكة والذّكاء والحكمة وتقبّل الاخرين والتوازن وألّا تجّرها عواطفها والجرأة وإدراك الشّأن العام والتواصل والتفاوض والصّبر والشّجاعة والذّكاء الاجتماعي والذّكاء العاطفي والدراية بقضايا المجتمع.

وهناك من قلنّ بأنّه لا يوجد صفات خاصة وإنّما صفات عامة مشتركة بين الجنسين ولا يوجد صفات متخصّصة تخص النّساء وحدهنّ.

40% من المشاركين قالوا إن هناك صفات معينة يجب أن تتواجد في المرأة المشاركة.

ذكروا منها الاستقلالية المالية والوعي السياسي ودرجة التحصيل العلمي والثقافة وقوة الشخصية والثقافة والالتزام بضوابط المجتمع والكفاءة والمهنية والقدرة على التفاوض والحيادية والقيادة والابداع والتفرّغ والايمان بمبادئ الحكم الرشيد والقوة والجرأة وسعة الأفق والمهارات التقنية والإدارية والوعي والنضج والتأثير وهناك الكثير أيضاً ممن قال لا يوجد صفات معينة للمرأة وهناك صفات عامّة.

وعن فترة المشاركة 64% من النّساء أجمعن أنّ الفترة من 2016م ل 2020 م هي الأكثر فعاليّة بالنسبة للمرأة ولكن المفارقة أن ّالنّسبة الأقل التي ذكروها هي من 2011م إلى ،2013م رغم أنّها فترة ذهبية في المشاركة في الحراك السلمي لكن هذا يدل على تغير طبيعة النّساء المشاركات في الشّأن العام بين 2011 م و2021م.

ويوافق المشاركون بنسبة 60% أنّ المرأة في 2016م إلى 2020م أكثر فترة شاركت فيها أيضاً.

وعن أسباب انخفاض مشاركة المرأة قالت النّساء أنّ المجتمع والعادات والتقاليد والحرب، ومنهنّ قالت إنّ الوضع السّياسي وتحكّم الذّكور بهذا الشّأن، والبعض قلن إنّ الإعلام كان أحد الأسباب، والبعض ذكر العسكرة والوضع الأمني والوصمة الاجتماعية والفقر والنزوح والوضع الاقتصادي وعدم تكافؤ الفرص والتمييز والعنف والاسرة وتنميط دور المرأة.

وعن أسباب انخفاض وارتفاع المشاركة قال المشاركون أنّ الظروف المعيشية والتغيرات السّياسي والاجتماعية والاقتصادية وتغير الثقافة المجتمعية والحرب وفقد المعيل للأسرة والسلطات الحاكمة والوضع الأمني ونظرة المجتمع والانفتاح وزيادة الوعي إضافة إلى تشجيع المنظمات لإشراك المرأة والمبادرات النّسوية والتحكّم الدولي في اتخاذ القرارات والجندرة المفروضة من الداعمين على المجتمع.

الأدوار التي وجدتها المشاركات تشكل التأثير الأكبر في سوريا المستقبل الدّور التّعليمي بنسبة 87% والدّور التّربوي بنسبة 82% وبدرجة أقل الدّور الطّبي 74% والأقل سياسي بنسبة 57% إضافة إلى أدوار أخرى أضفنها ركزت في معظمها أنّها يمكن أنّ تأخذ جميع الأدوار.

الأدوار التي وجدها المشاركون الدّور التّربوي بنسبة 87% والدّور التّعليمي بنسبة 83% والدّور الطّبي بنسبة 71% وكثير ذهبوا إلى جميع مناحي الحياة أيضاً.

وأضافت المشاركات أن نسبة الجهل بين النّساء كبيرة ومعظم اهتماماتهن تنصبّ حول الواجبات المنزلية

والبعض منهنّ أكدنّ على دور الاسرة ودور المرأة في تربية أبناءها 

والبعض قالت إن المرأة تحتاج الكثير من الجهد والصراع لتحقيق مشاركة فعالة 

البعض قلنّ إن عمل المرأة يستلزم مشاركة الرّجل 

والبعض قلنّ إن ّمهمة المرأة الإعداد ومهمة الرّجل القيادة، وهذا رأي غريب في رأيي

بينما أضاف المشاركون أنّ التوازن ضروري بين حاجات المجتمع وخصائصه الأمر الّذي يحميه من التّحول إلى حالة دفاع عن موروثاته

وأضاف آخر أنه يجب توافر الظروف الدّاعمة وسبل الحماية

وأضاف آخر أنّ المرأة عاطفية ويفضل أن تعمل في التربية 

والبعض قال إن دورها الأهم في أسرتها 

وقال آخر إن إشراك المرأة يتطلب إعدادها كي لا تؤثر بشكل سلبي على المجتمع السّوري المحافظ ويتمنى أن يكون إشراكها محافظا على الهوية السّورية 

وقال آخر أنّ الشّأن العام المسموح هو الطّب والتّعليم أما السّياسة فلا!

 

الباب الخامس: ماذا قالوا؟

نيفين حوتري " نمشي في وضع متباين بين الحاجة لوجود النّساء والضغوطات بوجود دور حقيقي لنا"

عضوة تقنية في الائتلاف: "تمكين المرأة جزء من إشراكها في الشأن العام" 

كندة حواصلي: "كان الإقصاء للداخل للمرأة والشباب لكن إقصاء المرأة كان ظاهراً"

ربا حبوش: " خلق بيئة مريحة من أهم الأسباب التي تساهم في إشراك المرأة في العمل العام"

نور: "السّلام في سوريا سيصنع بيد النّساء"

خبير بالمجتمع المدني السّوري: "أحد الأسباب التي تمنع النّساء من المشاركة اعتقادهم أنهم لا يعرفنّ، التمكين المعرفي أساسي لإشراكهنّ في الشّأن العام"

أحمد العبسي: " عالم تقوده النّساء هو عالم أكثر استقراراً"

عابدة العظم: "النّاس تفضل أن تبقى على ماهي عليه أفضل من التّغيير ونحن تعوّدنا على الوضع بحلوه ومره ونخشى من التغيير أنّ يجر علينا ويلات أكبر"

نتائج البحث

  1. تمثيل المرأة في الشّأن العام لا يتناسب مع وجودها في المجتمع.
  2. إشراك المرأة في العمل السّياسي يتطلب توعية اجتماعية لحمايتها من التّنمر.
  3. الهجوم الشّخصي سبب رئيسي في إحجام المرأة عن الشّأن العام.
  4. الجهات الخارجية الأمم المتّحدة والاتحاد الأوروبي هي الأساس في حملات المناصرة حول اشراك المرأة.
  5. حملات المناصرة لمشاركة المرأة أدخلت المجتمع بصراعات بسبب اختلاف مرجعيات المجتمع السّوري وعدم فهم طبيعة المجتمع.
  6. الانشغال بمعارك جانبيّة يقلّص الجهد المبذول للقضية.
  7. التغيير وفق مراحل بدءاً من ثقافة المجتمع.
  8. المرأة المحافظة تفرض قيوداً على نفسها من أجل عدم ارتكاب المحرمات بدوافع ذاتية.
  9. إشراك النّساء بجميع أطيافهم ولا سيّما المرأة المحافظة التي تم إقصاؤها لعوامل داخلية وخارجية.
  10. الدعم الخارجي ركز الحملات على النّساء في تيارات محدّدة رغم تعدد أطياف المجتمع السّوري.
  11. تمكين النّساء اقتصادياً ومعرفياً يساهم في زيادة نسبة تمثيلها.
  12. هناك نسبة غالبة تخشى من تغيير الهوية بسبب التأّثير في المواضيع النّسائية.
  13. المجتمع السّوري مجتمع مبني على الأسر وليس الأفراد ودعم المرأة يحتاج إلى دعم عائلتها ككل وليس قناعتها فقط.
  14. بعض الاشراك هو شكلي وليس حقيقي.
  15. الإشراك الشّكلي يساهم في خلق صراعات إضافيّة.
  16. غالبيّة الرّجال لا يمانعون من مشاركة المرأة ولكنّهم لا يرونها ذات كفاءة.
  17. حملات المناصرة جاءت نتيجة تغييبها ولكن بالأصل هناك نساء لديهن اهتمام في الشّأن العام.
  18. العمليات العسكرية تقلّص من عمل المرأة في الشّأن العام.
  19. هناك فئات أخرى مهمشة وتحتاج المناصرة أيضاً مثل فئات الشّباب والدّاخل السّوري لكنّها لا تلقى اهتمام أي طرف.

توصيات:

  1. رفع مستوى كفاءة المرأة من ناحية المعرفة والخبرة العمليّة يرفع من نسبة تمثيلها.
  2. ترافق الكوتا مع رفع كفاءة النساء كي لا تزيد فجوة الكفاءة فتكون الكوتا عباًء مضاعفاً.
  3. الحاجة إلى توعية المجتمع ككل بجميع أطرافه وليس المرأة فقط.
  4. دعم المرأة في الجانب الإعلامي من خلال قصص ناجحات.
  5. دعم المرأة معرفياً واقتصادياً يساعد في إشراكها.
  6. إشراك النّساء بجميع أطيافهم يقلل من صراعات الهوية في المجتمع السّوري المتنوع.
  7. التوعية الاجتماعية ودعم الأسرة يساعد النّساء في المشاركة بشكل فعّال.
  8. إشراك الرّجال في النقاشات والحوارات الخاصة بقضايا المرأة.
  9. وضع قوانين ومدونات سلوك تمنع التمييز والتحرش والتنمر ضد النّساء.
  10. وضع قوانين تحافظ على استقرار وضع الأم العائلي من إجازة أمومة وغيرها.

خاتمة الباحثة:

حين اخترت موضوع البحث كنت أتصور بعض الفرضيات بأن هناك نشاطات معيّنة قامت بها جهات لفترات وتم إنجازها لكنني أدركت بشكل معمّق أنّ التّغيير المجتمعي لا يأتي بهذه البساطة.

يتطلّب التغيير الكثير من المراحل، والكثير من الأسئلة، وجدتني أطرحها وأبحث عن إجاباتها ولم تكن قد خطرت في بالي منذ بداية الأمر، كنت أتمنى أن أستمع لضيوفٍ أكثر، كنت أتمنى أن استمع أكثر لتجارب مفصّلة، تجربة البرلمان السّوري السّابق، وأول امرأة دخلت في البرلمان، ورئيسة البرلمان الوحيدة الذي تسلمته عام 2016م وتم إقصاؤها، وتجربة الإدارة الذاّتية، وتجربة الحكومة المؤقتة، وتجارب كثيرة كنت أتمنى لو اتسع الوقت لسماعها كلها.

أجدني في هذا البحث وجدت طرف حديث مطوّل يمكن سماع كلّ منهم مطوّلاً وكلاً منهم يستلزم بحثا مفصلاً، وهنا أدعو الباحثين والباحثات لمعرفة الأسباب والفروق بين هذه الكيانات، وكيفية التعامل مع المجتمعات المختلفة من أجل معرفة الطرق الأكثر نجاحاً في إشراك النّساء في جميع المستويات، وإن كان الشّعب السّوري يحلم بعودة حقوقه فإشراك المرأة في الشّؤون العامة أحد الحقوق التي علينا أن نناضل من أجلها.

وأخيراً أعيد ما تم استنتاجه سابقاً بأنّ صناعة السّلام تتطلب مجهوداً نسائياً لا ريب.

توصيات لأبحاث قادمة: 

إشراك نساء من مختلف مناطق سوريا بشكل أكبر.

قيام باحثات بأبحاث جديدة ولا يكفي وجود باحثين من أجل تطوير المعلومات.

 

كل شكر والتقدير لمنظمة بيتنا سوريا ومنصة بيتنا أونلاين اللذان أتاحا الفرصة من أجل إنجاز البحث.

ويسعدني إرسال آرائكم وتعليقاتكم الخاصّة حول البحث على البريد الإلكتروني:

[email protected]

مساحة إعلانية