يعيش ربع سكان العالم في بلدان متأثرة بالصراعات. إذ إن الصراعات والعنف يتزايدان في جميع أنحاء العالم، مما يؤثر على حياة جيل كامل من الأطفال والشباب وعلى قدرتهم للوصول إلى الموارد التعليمية.
على مستوى العالم، هناك أكثر من ربع مليار طفل خارج المدرسة؛ العديد منهم بسبب الصراع وانعدام الأمن. بناءً عليه، ناقش أعضاء محادثات المستقبل المشتركة من جميع أنحاء أفريقيا وأوروبا في الأشهر الأولى من عام 2023 كيفية تلبية احتياجات الشباب في مناطق النزاع بشكل أفضل.
وتم تبادل وجهات النظر من قبل أعضاء من البلدان التي لديها تجارب حالية أو حديثة في مجال الحرب، بما في ذلك أوكرانيا وجنوب السودان. ومن خلال سلسلة من المناقشات، تم تحديد ثلاث مجالات سياسية لتشجيع الشباب على العودة إلى الفصول الدراسية أثناء النزاع وبعده.
إتاحة الوصول
إن البنية التحتية اللازمة لتقديم التعليم معرضة للاستغلال من قبل الجماعات المتحاربة أثناء النزاع. تنص العديد من الاتفاقيات الدولية على حماية المدارس، ولكن بين عامي 2020 و2021 كان هناك أكثر من 5000 هجوم عنيف على المرافق التعليمية.
وفي مناطق النزاع، يكون حصول الشباب على التعليم محدوداً أيضاً بسبب قرب الأحداث من المدارس. وبالنسبة للأطفال الذين يعيشون في بيئات متقلبة، مثل مخيمات اللاجئين والمشردين داخلياً، فإن انعدام الأمن في وضعهم المعيشي يحد من إمكانية وصولهم بانتظام إلى المعلمين والموارد التعليمية الأخرى. لذلك، فإن أكثر من نصف الأطفال اللاجئين لا يحضرون الدروس.
هناك أيضاً عوائق ثقافية تمنع الفتيات من الوصول إلى التعليم. حيث إنه عندما يبدأ النزاع، غالباً ما تكون الفتيات أول من يغادر المدرسة وآخر من يعود إلى الفصول الدراسية.
ولضمان حصول جميع الشباب على التعليم أثناء النزاع، لا بد من معالجة العقبات القائمة على نوع الجنس التي تعترض التعليم. ويمكن أن يشمل ذلك إجراءات مثل توزيع الموارد التعليمية التي تراعي الفوارق بين الجنسين والعمل مع أولياء الأمور وقادة المجتمع لمكافحة الممارسات التي تميز ضد الفتيات.
وتوجد تحديات أخرى عندما يواجه الأطفال أنظمة تعليمية مختلفة: فمع انتقال الأطفال اللاجئين إلى مناطق جديدة، قد يواجهون مناهج دراسية مختلفة إلى حد كبير. وعلى المستوى الوطني، ينبغي للحكومات أن تعمل معاً للسماح للأطفال اللاجئين بالاستفادة من المناهج الدراسية في بلدانهم الأصلية قدر الإمكان، وأن يتم دعمهم في التكيف مع الظروف التعليمية الجديدة.
العمل على التوزيع
هناك حاجة إلى المزيد من الحلول الإبداعية لزيادة سرعة وتوسيع نطاق توزيع المواد التعليمية.
بالطبع تظل الحالة المثالية للتعليم هي التعليم الشخصي مع معلمين مؤهلين محاطين بأقرانهم، ولكن لا يمكن ضمان ذلك في منطقة النزاع. ويجب بذل المزيد من الجهود لتوفير الدعم المؤقت لمنع الأطفال والشباب من التخلف عن التعليم أو تركه بالكامل عندما تتغير أوضاعهم التعليمية. حيث إن التعليم هو المفتاح لإطلاق إمكانات الجيل القادم، ولا ينبغي استبعاد الأطفال في مناطق النزاع من مثل هذه الفرص.
ويتمثل أحد الحلول في رقمنة المناهج المدرسية والموارد التعليمية الأخرى. إذ أظهرت تجربة التعليم الافتراضي خلال جائحة كوفيد-19 مدى فعالية التعلم عبر الإنترنت، عندما تتوفر الموارد لدعمه.
ومع ذلك، في حالات الصراع، غالباً ما يكون الوصول إلى الطاقة والاتصال بالإنترنت والأجهزة التكنولوجية الشخصية غير موثوق، وقد يكون بث الدروس صعباً في هذا السياق. وبدلاً من ذلك، يمكن أن تكون أجهزة USB التي تحتوي على الكتب والدروس التي تم تنزيلها مسبقاً حلاً أكثر كفاءة. خلال الجائحة، تم استخدام الإذاعة والتلفزيون أيضاً لبث الدروس في المناطق ذات الموارد الرقمية المحدودة. ويمكن للمنظمات غير الحكومية التي تعمل بالفعل في المنطقة أن تتعاون مع المجموعات المحلية لإنتاج الدروس بسرعة.
تكثيف المشاركة
لدى الأطفال في مناطق النزاع والذين يتعافون من العيش فيها احتياجات خاصة يجب أن تنعكس في محتوى التعليم الذي يُمنح لهم، كما أن هناك حاجة إلى استراتيجيات خاصة للتدريس وإدارة السلوك المستنيرة للصدمات للبدء في معالجة الأذى النفسي الذي تعرضوا له. بناءً عليه، ينبغي إشراك الشباب المحلي في تصميم هذه المواد التعليمية، إذ يمكن أن تكون مشاركة الشباب وسيلة حيوية لاستعادة الثقة بين الطلاب وكذلك إظهار أن هناك سبل للتغيير تتجاوز العنف.وقد تؤدي هيمنة النخب السياسية القائمة منذ فترة طويلة على عملية صنع القرار إلى استياء الشباب وخيبة أملهم. حيث يجب أن يتم تمثيل المعرفة المحلية في الحلول المستخدمة لتوفير التعليم أثناء النزاع ويجب أن يكون للشباب ملكية هذه الحلول، لضمان التزامهم بالتعلم والنجاح.
ويمكن أيضاً القيام بأعمال منع نشوب الصراعات من خلال توسيع المشاركة. إذ يمكن لإشراك الأعضاء الحاليين والسابقين في القوات المسلحة لتوفير التعليم للشباب، وخاصة في المناطق المعرضة للصراع أن يساعد في إضفاء الطابع الإنساني على المقاتلين وتوفير منظور واقعي للحرب. على عكس تثمين العنف، يمكن لتعليم السلام أن يقدم تمثيلاً واقعياً لآثار العنف السلبية.
ترجمة بيتنا أونلاين؛ المقال مترجم من bit.ly/48hp7Vx