سد الفجوة بين الجنسين في مكان العمل

بيتنا أونلاين


تاريخ النشر 2022-06-20

عدد المشاهدات 81

أقل من دقيقة للقراءة

سد الفجوة بين الجنسين في مكان العمل

رغم الاعتقاد السائد بأن النساء قد نجحن تقريباً في تقليص الفجوة بين الجنسين في مكان العمل، إلّا أن فرصهن في إيجاد عمل أقل من فرص الرجال، وفعلياً لا تزال فرصهن في الحصول على وظائف جيدة مقيّدة. وتشير التقديرات الحديثة إلى أن المرأة تحصل على 84 سنتاً مقابل كل دولار يجنيه الرجل من نفس العمل.

قد يؤدي سد الفجوة بين الجنسين إلى تعزيز مشاركة الموظفين والاحتفاظ بهم وتحسين العائدات المالية والابتكار. هذا المقال مخصص لأصحاب الشركات والمديرين والموظفين المهتمين بتعزيز المساواة بين الجنسين في مكان العمل.

رغم المناقشات المتزايدة حول أوجه عدم المساواة التي تواجهها النساء في مكان العمل، لا يزال هناك قدر هائل من العمل الذي يتعيّن القيام به لسد الفجوة بين الجنسين. وفقاً لدراسة أجرتها شركة الاستشارات الإدارية الأمريكية "ماكينزي أند كومباني" (McKinsey & Company) حول النساء في مكان العمل، أحرزت الشركات الأمريكية تقدماً كبيراً في تحسين مشاركة النساء على مدار السنوات القليلة الماضية، خاصة منذ بداية جائحة كورونا، ولكن لا يزال هناك المزيد من التقدم الذي يتعيّن إحرازه. 

وفقاً لماندي برايس، المؤسس المشارك والرئيس التنفيذي لشركة "كاناريس" (Kanarys Inc) –وهي شركة تقنية تركز فقط على توفير الأدوات التي تحتاجها المؤسسات لإحداث تغيير منهجي طويل الأمد حول التحديات المتعلقة بالتنوع والعدالة والشمولية –مازالت المجتمعات حتى يومنا هذا تعاني من عدم المساواة وغياب العمل الحقيقي لمعالجة هذه المشكلة، كما أن الفجوة الحالية بين الجنسين يجب أن تكون بمثابة جرس إنذار لزعماء قطاع الأعمال.

وقالت برايس لموقع "بزنس نيوز ديلي" (Business News Daily): " من دواعي القلق أن نلاحظ غياب العمل الجاد لسد الفجوة بين الجنسين رغم إدراك الأوساط التجارية جيداً لفوائد التنوع في القوى العاملة، مثل الابتكار والاحتفاظ بالموظفين وزيادة الأرباح".

الفجوة الحالية بين الجنسين في مكان العمل

أظهرت الدراسة التي أجرتها شركة ماكينزي أند كومباني أن النساء ممثلات تمثيلاً ناقصاً على كل المستويات، والنساء ذوات البشرة الملونة هنّ الأكثر عرضة للتهميش والإقصاء، يليهن الرجال البيض، والرجال الملونين، والنساء البيض. وكشفت الدراسة أن ضعف مشاركة النساء في المناصب العليا لا يرجع إلى نقص التعليم أو معدل الاستنزاف (Attrition Rate) –معدل فقدان الموظفين والعاملين في الشركة سواءً بسبب التقاعد أو الاستقالة – كما أن النساء أقل عرضة للحصول على وظائف على مستوى المبتدئين مقارنة بالرجال على الرغم من أن النساء يحصلن في الوقت الحالي على درجة البكالوريوس أكثر من الرجال، وأصبحن أكثر ميلاً للبقاء في وظائفهم في العقود الأخيرة. وبحسب الدراسة، الرجال هم الأسرع في تسلق السلّم الوظيفي، إذ مقابل كل 100 ترقية لمنصب مدير يحصل عليها الرجال، هناك 79 امرأة فقط تحصل على هذه الترقية. وبسبب نقص توظيف النساء على مستوى المبتدئين، هناك عدد أقل من النساء المؤهلات للترقية في السلّم الوظيفي، وهذا يخلق حلقة مفرغة يتوقع تقرير ماكينزي استمرارها حتى تتخذ الشركات إجراءات مخصصة لتحقيق المساواة بين الجنسين.

وأشارت برايس في هذا الصدد إلى أن "إعلان الشركات التزامها بتعزيز المساواة بين الجنسين في مكان العمل ليس كافياً ما لم يقترن ذلك بإجراءات حقيقية ومُتعمّدة من جانب أرباب العمل لتوظيف النساء على جميع المستويات".

اليوم الدولي للمساواة في الأجور

يمثل اليوم الدولي للمساواة في الأجور الجهود طويلة الأمد نحو تحقيق المساواة في الأجر عن العمل المتساوي القيمة. نظراً إلى أن النساء يكسبن عادةً أقل من الرجال – 84 سنتاً مقابل كل دولار يجنيه الرجل من نفس العمل – فيتعين عليهن العمل 42 يوماً إضافياً لكسب نفس المبلغ من المال، وغالباً ما تكون هذه الفجوة في الأجور أكبر بالنسبة للنساء ذوات البشرة الملونة.

بدأ الاحتفال باليوم الدولي للمساواة في الأجور عام 1966 من قبل اللجنة الوطنية للإنصاف في الأجور للتوعية بوجود هذه الهوّة في الأجور بين الرجال والنساء.

 

 الإجراءات التي ينبغي اتخاذها من أجل تعزيز المساواة بين الجنسين في مكان العمل 

إلى جانب التغييرات القانونية، يمكن للشركات أن تركز على إدخال تغييرات ثقافية وتنظيمية للحد من أوجه عدم المساواة. توظيف المزيد من النساء ليس كافياً رغم أنها خطوة جيدة كبداية. يجب على الشركات أن تبذل مزيداً من الجهود جهد لسد الفجوة بين الجنسين وتطبيق الشمولية نظراً لأن التنوع وحده لا يؤدي إلى الشمولية في أماكن العمل. 

1- التركيز على التنوع أثناء عملية التوظيف

تبدأ المساواة بين الجنسين في مكان العمل بعملية التوظيف. ينبغي على الشركات وأرباب العمل تطبيق التنوع والعدالة من خلال إنشاء توصيف وظيفي دقيق وشمولي، والبحث عن الكفاءات من كِلا الجنسين ومن خلفيات متنوعة، وإجراء مقابلات بشكل منصف ونزيه. من الضروري التأكد من أن عملية التوظيف خالية من التحيّزات الضمنية، ويجب اتخاذ هذه التدابير لكل المناصب والمسميّات الوظيفية؛ ولكنها مهمة بشكل خاص للمناصب التنفيذية.

بحسب إحصائيات شركة ماكينزي أند كومباني، يشغل الرجال حالياً ما يقارب 60% من المناصب الإدارية، بينما تشغل النساء 40% فقط. ويزداد هذا التباين مع كل خطوة باتجاه المناصب الأعلى. وبالتالي يمكن للشركات معالجة المساواة بين الجنسين من خلال توظيف المزيد من النساء في مناصب رفيعة المستوى.

2- وضع إجراءات عادلة فيما يخص التعويضات والترقية

ينبغي وضع برنامج تعويضات للموظفين يتسم بالإنصاف والشفافية ويتم من خلاله منح جميع الموظفين أجراً متساوياً عن الأعمال المتساوية، بغض النظر عن الجنس. هذه واحدة من أكثر الطرق وضوحاً وبساطة لتعزيز المساواة بين الجنسين في مكان العمل، بالإضافة إلى منح رواتب تنافسية وعادلة لجذب أفضل المواهب والاحتفاظ بها. علاوة على ذلك، يجب على الشركات إعطاء الأولوية لترقية الموظفات المؤهلات اللواتي يعملن لديها، ومن المفضل إنشاء مجموعة من الإجراءات المعيارية بخصوص التقييم والترقية التي تسمح للموظفات المجتهدات بالارتقاء على السلّم الوظيفي. قد تساعد هذه الإجراءات في سد الفجوة الحالية بين الجنسين، إلّا أنها في الحقيقة تفيد الجميع، وليس فقط النساء والأقليات.

3- تطبيق سياسات عمل مرنة

وجدت دراسة شركة ماكينزي أند كومباني أن الإجهاد الشديد الذي يصيب الموظفين هو أحد أكبر الضغوطات التي تؤثر حالياً على النساء. عانت النساء بشكل غير متناسب من الإرهاق والتوتر منذ بدء جائحة كورونا مقارنة بزملائهن من الرجال. كما أعربت واحدة من كل ثلاث نساء عن رغبتهن في تغيير مهنتهن أو الاستقالة.

يمكن للشركات تخفيف التوتر والضغط النفسي عن طريق تقديم مزايا شاملة والمزيد من الفرص لتحقيق توازن أفضل بين العمل والحياة الشخصية، مثل تحسين الوصول إلى خدمات رعاية الأطفال وزيادة قبول سياسات العمل المرنة، كاعتماد نظام العمل عن بُعد والعمل الهجين وساعات العمل المرنة. قد تساعد هذه الترتيبات المرنة على الحد من ضغوطات العمل التي تواجهها النساء عموماً، وتسمح للأمهات الموظفات بتولي المزيد من المهام والمسؤوليات في الشركات التي يعملن فيها.

4- إنشاء برنامج تدريبي يتسم بالتنوع والشمولية

ينبغي تدريب الموظفين على ما هو مقبول وغير مقبول في أماكن عملهم. اجعل موظفيك يحضرون برنامجاً تدريبياً مخصصاً حول التنوع لمناقشة ومعاجلة التحيّزات والأحكام المسبقة المحتملة داخل شركتك. يجب على الشركات تقديم برامج تدريبية حول التنوع بشكل مستمر تتضمن دروساً وأحداثاً وفرصاً متعددة لمواصلة التعلّم. 

5- بناء ثقافة التنوع والشمولية في مكان العمل

يجب على الشركات خلق ثقافة يشعر فيها الموظفون بالانتماء والقبول، ويجب أن يركزوا على تحسين بيئات العمل لزيادة الشمولية وتعزيز تجربة الموظفين وتفاعلهم. وأشارت برايس في هذا الصدد إلى أن الشمولية تُحفز على الابتكار والاحتفاظ بالموظفين، إلى جانب تعزيز المساواة بين الجنسين. 

يمكن للمرأة أيضاً أن تستفيد من العمل مع نساء أخريات. أشارت الدراسة التي أجرتها شركة ماكينزي ماكينزي أند كومباني أن واحدة من كل خمس نساء تجد نفسها المرأة الوحيدة في غرفة العمل، وهذا ينطبق أيضاً على النساء في المناصب الرفيعة والنساء اللواتي يضطلعن بأدوار تقنية. لدى النساء اللواتي يجدن أنفسهن وحيدات في مكاتب العمل تجارب أسوأ بكثير من اللواتي يعملن مع نساء أخريات، وحوالي 80% منهن يتعرضن للاعتداءات الدقيقة " Microaggressions" التي تتمثل في الإهانات اللفظية وغير اللفظية، سواء كانت متعمدة أو غير مقصودة، والتي تنقل العدائية أو الازدراء أو رسائل سلبية تستهدف الأشخاص بناءً على انتمائهم لمجموعة مهمشة فقط. قالت برايس: "النساء اللواتي يتعرضن عادةً للاعتداءات الدقيقة هن أكثر عرضة للاستقالة، ومواجهة التحرش الجنسي في أماكن العمل".

 من الضروري إيجاد بيئات عمل متنوعة وشمولية، فهذا الأمر هو جزء لا يتجزأ من الجهود الرامية إلى تقليص الفجوة بين الجنسين، ويجب أن تتخذ الشركات خطوات أكثر جرأة لخلق بيئات عمل شمولية بحيث تشعر النساء فيها، وكذلك جميع الموظفين، بالدعم في أماكن عملهم.

6- إخضاع المديرين للمحاسبة

وفقاً لبرايس، يجب أن تتبنى الشركات موقفاً حازماً بشأن التنوع الجنساني وأن تتعامل معه كجزء لا يتجزأ من استراتيجيات أعمالها، واقترحت ربط الحوافز والمكافآت المخصصة للمدراء والمشرفين بالجهود التي يبذلونها لتعزيز التنوع والشمولية. وأشارت برايس إلى ضرورة تتبع وقياس أداء المديرين بخصوص التنوع والشمولية، وإلّا "لن نشهد أبداً أي تحسن"، على حد قولها.

7- الانتباه إلى التغيرات السياسية

في الولايات المتحدة، هناك قوانين فيدرالية وقوانين خاصة بالولايات تهدف إلى إنهاء الفجوة بين الجنسين وتوفير فرص متساوية للرجال والنساء. على سبيل المثال، يحظر قانون المساواة في الأجور لعام 1963 التمييز في الأجور على أساس الجنس في الولايات المتحدة. ولذلك ينبغي دائماً البحث عن أي تغييرات قانونية محتملة قد تطرأ بخصوص المساواة بين الجنسين في مكان العمل.

كيف تستفيد الشركات من سد الفجوة بين الجنسين

كشف مؤشر السعادة لدى القوى العاملة لـ "سي إن بي سي" (CNBC) وموقع "سرفي مونكي" (SurveyMonkey) أن ما يقارب 80% من المشاركين في الاستطلاع يعتقدون أن التنوع والشمولية مهمان في مكان العمل. ومع ذلك، قال نحو ربع الموظفين إن شركاتهم لا تفعل ما يكفي فيما يخص هذين الأمرين.

يرغب الموظفون بالعمل في بيئات يشعرون فيها بالتقدير والإنصاف، وإذا أرادت الشركات جذب أفضل المواهب والاحتفاظ بها، ربما يتعيّن عليها التركيز على ضمان التنوع والإنصاف والشمولية لسد الفجوة بين الجنسين. يميل الموظفون الذين يعملون ضمن بيئات عمل متنوعة وشمولية ومنصفة إلى الشعور بالانتماء لشركاتهم ومؤسساتهم، وغالباً ما يكونون على استعداد لتحقيق إنتاجية أكبر. كما ترتبط مشاركة الموظفين وحماسهم في أماكن عملهم بانخفاض معدلات الاستقالة، مما يؤثر إيجابياً على أداء الشركات. مفتاح الإبداع والابتكار في مكان العمل هو التنوع والشمولية، إذ تقدم القوى العاملة المتنوعة حلولاً جديدة ومجموعة فريدة من الأفكار ووجهات النظر. قالت برايس: "لقد حان الوقت لأن يعترف الجميع بأن التنوع والشمولية أمران مفيداً جداً لقطاع الأعمال، فالأرقام ببساطة لا تكذب".

 

ترجمة بيتنا أونلاين؛ المقال مترجم من https://bit.ly/3NPH5V3

مساحة إعلانية