ظهور الذكاء الاصطناعي التوليدي وأثره على حياتنا وعملنا

بيتنا أونلاين


تاريخ النشر 2023-04-19

عدد المشاهدات 107

أقل من دقيقة للقراءة

ظهور الذكاء الاصطناعي التوليدي وأثره على حياتنا وعملنا

الذكاء الاصطناعي التوليدي (Generative AI) هو أحد فروع الذكاء الاصطناعي الذي يستخدم خوارزميات التعلّم غير الخاضعة للإشراف لإنتاج أو إنشاء نصوص أو صور أو موسيقى أو محادثات أو رموز أو فيديو تحاكي إنتاج البشر. تزداد شعبية هذه التقنية مع ظهور برامج مثل "تشات جي بي تي" (ChatGPT) و"دال-إي" (DALL-E) و"ميد جورني" (Midjourney). 

تعمل النماذج التوليدية باستخدام مجموعة واسعة من الخوارزميات المُصمّمة لتقليد عملية الانتقاء الطبيعي والتطور. هذا يعني أن هذه النماذج يمكن أن تولد أفكاراً جديدة، وتخلق منتجات أو خدمات، وتُصمّم عمليات أو أنظمة جديدة، وتحسّن العمليات، وتكتشف أدوية أو علاجات جديدة. 

أصبح الذكاء الاصطناعي التوليدي موضوعاً شائعاً بين التقنيين والمستثمرين وصانعي السياسات والمجتمع؛ وما نشهده هذا العام هو مجرد البداية!

تختلف الأساليب المُستخدمة في بناء نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدي، ولكن جميعها في نهاية المطاف تحاول إعادة إنتاج السلوك البشري وتقديم محتوى جديد يعتمد على المحتوى الذي أنشأه البشر مُسبقاً. وفيما يلي المجالات الأكثر شيوعاً التي يدعهما الذكاء الاصطناعي اليوم:

– النماذج اللغوية: وهي نماذج توليدية يتم تدريبها على إنشاء نصوص تُحاكي إنتاج البشر، مثل الكتابة أو الكلام.

–التصميم التوليدي: استخدام الذكاء الاصطناعي لإنشاء تصميمات جديدة أو تحسين التصميمات الحالية.

–تصميم الصور والفيديو: استخدام الذكاء الاصطناعي لإنشاء صور ومقاطع فيديو جديدة من البداية أو من مدخلات معينة.

–توليد الموسيقى: وهي نماذج توليدية يمكنها تأليف الموسيقى وإنشاء إيقاعات وإنشاء ملفات MIDI.

–الروبوتات والتحكم: توليد أنظمة تحكم للروبوتات والأجهزة المادية الأخرى.

–الألعاب: توليد سلوكيات ذكية في الألعاب وغيرها من أنواع المحاكاة التفاعلية.

هذه بالفعل قائمة رائعة من المجالات التي يُحدث فيها الذكاء الاصطناعي تأثيراً على حياتنا اليومية. ومع ذلك، يجب الإشارة هنا إلى أن هذه القائمة ليست كاملة وهي مجرد سرداً بسيطاً لما هو أكثر من ذلك بكثير. في الحقيقة، يدخل الذكاء الاصطناعي في المزيد من المجالات التي تؤثر على حياتنا اليومية، وأصبحت الحدود بين الفئات المختلفة غير واضحة بشكل متزايد. 

دعونا نلاحظ فقط بعض المجالات التي يؤثر فيها الذكاء الاصطناعي على حياتنا اليوم:

1– المساعد الافتراضي: تستخدم خدمات المساعد الافتراضي، مثل "سيري" (Siri) الخاص بشركة "آبل" (Apple) والمساعد الشخصي الخاص بأمازون "آليكسيا"، تقنية معالجة اللغات الطبيعية (NLP) وخوارزميات التعلّم الآلي لفهم الأوامر الصوتية والاستجابة لها.

2– أنظمة التوصيات: تستخدم أنظمة التوصيات، مثل تلك المستخدمة من قبل شركتي "نيتفلكس" (Netflix) و"سبوتي فاي" (Spotify)، خوارزميات الذكاء الاصطناعي لتقديم توصيات مُخصّصة بناءً على سجل المشاهدات للمستخدم.

3– التعرّف على الصور والصوت: يمكن العثور على تقنية التعرّف على الصور والصوت القائمة على الذكاء الاصطناعي في مجموعة واسعة من التطبيقات، مثل الهواتف المحمولة والكاميرات الرقمية والسيارات.

4– كشف محاولات الاحتيال: تُستخدم الخوارزميات القائمة على الذكاء الاصطناعي في الخدمات المالية والصناعات الأخرى لاكتشاف محاولات الاحتيال ومنعها.

5– روبوتات المحادثة لخدمة العملاء: تستخدم العديد من الشركات روبوتات المحادثة التي تعمل بالذكاء الاصطناعي للتعامل مع استفسارات خدمة العملاء، مثل توفير معلومات حول المنتجات أو استكشاف المشكلات الفنية وإصلاحها، وهذه الروبوتات قادرة على فهم اللغة الطبيعية وتقديم إجابات ذات صلة بأسئلة العملاء.

أمثلة على أشهر خدمات الذكاء الاصطناعي التوليدي

لنلقي نظرة على بعض خدمات الذكاء الاصطناعي التوليدي التي تُحظى بشعبية كبيرة:

1) تشات جي بي تي (ChatGPT)

حُظي برنامج "تشات جي بي تي" الذي يستخدم تقنية التعلّم الآلي والذكاء الاصطناعي وطرحته شركة "أوبن إيه آي" (OpenAI) الأمريكية عام 2022؛ باهتمام وانتشار واسعين عبر العالم، خاصة أنه مبني على تقنية توليد نصوص ومحادثات شبيهة بتلك التي يُنتجها البشر. يستخدم برنامج تشات جي بي تي النموذج اللغوي "المحولات التوليدية المدربة مسبقاً" (Generative Pre-Trainer Transformer) لتوليد إجابات وردود مفصّلة على أسئلة واستفسارات معقّدة. وتستخدمه بعض الشركات والأفراد في كتابة المقالات وتصحيح أخطاء ترتكبها برامج الحاسوب العادية، فضلاً عن تأليف الشعر وغيره.

2) برنامج دال-إي (DALL-E)

يتميّز برنامج "دال- إي" بقدرته على إنشاء الصور اعتماداً على الأوصاف المكتوبة، وتم تطويره من قبل شركة "أوبن إيه آي" وأُطلق عام 2021. يعتمد هذا البرنامج في مهمته على شبكة عصبية من الذكاء الاصطناعي، وقد تم تدريبه باستعمال ملايين الصور من شبكة الإنترنت.

يستخدم البرنامج بنية المحولات لفهم العلاقة بين النصوص والصور، ويتم تدريبه على مجموعة بيانات كبيرة من الصور والتعليقات التوضيحية المرتبطة بها. البرنامج قادر على إنشاء صور فريدة من الأوصاف النصية، مثل "منزل وردي من طابقين بسياج أبيض وباب أحمر".

يُعتبر البرنامج بمثابة طفرة كبيرة في مجال الذكاء الاصطناعي؛ إنه خطوة رئيسية في اتجاه الفن والتصميم المدعومين بالذكاء الاصطناعي، ويمكن استخدامه لمجموعة متنوعة من التطبيقات مثل تطوير ألعاب الفيديو والإعلانات والهندسة المعمارية.

3) برنامج ميد جورني (Midjourney)

حقق برنامج رسم الصور بالذكاء الاصطناعي " ميد جورني" شهرة عالمية بسبب قدرته العالية على رسم الصور بتفاصيل دقيقة بناءً على المعلومات الوصفية.

استخدامات الذكاء الاصطناعي التوليدي 

تُعتبر النماذج التوليدية مفيدة للعديد من الأعمال، ونحن نشهد الآن بداية دخول الذكاء الاصطناعي إلى عالم الشركات وقريباً سيتولى الذكاء الاصطناعي التوليدي العديد من المهام التي يقوم بها البشر.

التسويق هو خير مثال على وظيفة تجارية قادرة على الاستفادة كثيراً من خدمات الذكاء الاصطناعي التوليدي؛ وتشمل المهام النموذجية في عالم التسويق مايلي:

– إنتاج النصوص التسويقية مثل المدونات والمقالات

– كتابة منشورات على وسائل التواصل الاجتماعي

– إنشاء رسائل بريد إلكتروني ترويجية

– إنشاء الإعلانات، إلخ.

يمكن القيام بكل ذلك باستخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي، على سبيل المثال يُقدم برنامج "جاسبر إي آي" (Jasper AI) خدمات الذكاء الاصطناعي المتخصّصة لدعم عمليات التسويق.

يعمل البرنامج وفق نموذج GPT-3 الخاص بشركة "أوبن إي آي"، وتم تحسينه لإنتاج أفضل المحتوى لأغراض التسويق. إذا ألقيت نظرة على موقع البرنامج، يمكنك أن تلاحظ أن العديد من الشركات الصغيرة والكبيرة هي بالفعل عملاء لبرنامج "جاسبر"، بينها شركة "آي بي إم" (IBM) و"إير بي إن بي" (Airbnb)‏. وهذا يعني أنه من المحتمل جداً أنك قد استُهدِفت بالفعل عبر الحملات التسويقية التي تم إنشاؤها بواسطة الذكاء الاصطناعي وليس من قِبل البشر.

لا يتم استخدام الذكاء الاصطناعي فقط لإنشاء حملات تسويقية ومواد مثل النصوص والرسومات. إنه أيضاً مفيد جداً عندما يتعلق الأمر بإنشاء توصيات محدّدة للمنتجات (مثل الملابس). على سبيل المثال، بدأت شركة الملابس "ستيتش فيكس" (Stitch Fix) بتجربة ذلك من خلال تقديم توصيات للعملاء حول الملابس باستخدام الذكاء الاصطناعي.

يُعتبر الترميز (Coding) أيضاً من ضمن المهام الأخرى حيث يكون الذكاء الاصطناعي التوليدي مفيداً بالفعل.

أداة "كو بايلوت" (Co-Pilot) التي طورتها منصة "جيت هاب" (GitHub) هي عبارة عن أداة برمجية متطورة تعمل بالذكاء الاصطناعي، وتتميز بكتابة التعليمات البرمجية بسهولة وسرعة وبشكل أفضل. تعمل الأداة من خلال استخراج النمط بشكل افتراضي؛ أي تعتمد على سياق نمط الكود البرمجي. فمن خلال كتابة بعض الرموز ستستخرج هذه الأداة الكود الذي ترغب بكتابته وأضافته لسلسلة الأكواد التي قمت بكتابتها.

على الرغم من عمل هذه الأداة بالذكاء الاصطناعي، إلّا أن الاعتماد عليها بشكل تام يُعد أمراً خاطئاً، فهي مُصممة لكتابة الأكواد حسب السياق المتوفر للكاتب أو المُبرمج، وليس من وظيفتها التامة أن تقوم بمراجعة كود ما، أو أن تقوم بتصحيح الأخطاء الناتجة أو كتابة أكواد صعبة.

هل سيستولي الذكاء الاصطناعي التوليدي على وظائف البشر؟

يتمتع الذكاء الاصطناعي التوليدي بالقدرة على أتمتة مهام معينة وبالتالي الاستحواذ على بعض الوظائف، ولكن يمكنه أيضاً خلق فرص عمل جديدة استجابة لزيادة استخدام الذكاء الاصطناعي. بالإضافة إلى ذلك، قد يؤدي الاعتماد على الذكاء الاصطناعي إلى نمو اقتصادي وفرص جديدة في صناعات مثل الرعاية الصحية والتمويل والنقل.

من المهم أن نشير إلى أن الذكاء الاصطناعي ليس تقنية ثابتة وموحدة، ولكنه مجموعة من الأدوات والتقنيات التي يمكن تطبيقها بطرق مختلفة على الصناعات المختلفة.

بينما نتطلّع إلى مستقبل التعاون بين الإنسان والذكاء الاصطناعي، يمكننا توقع عالم يصبح فيه الذكاء الاصطناعي جزءاً لا يتجزأ من حياتنا اليومية، ويزيد من القدرات البشرية ويغير طريقة عملنا وتعلمنا وتفاعلنا مع بعضنا البعض. تعتمد هذه الرؤية للمستقبل على شراكة متناغمة بين البشر والذكاء الاصطناعي، حيث يجلب كل طرف نقاط قوته وخبراته الفريدة إلى الطاولة.

سيعمل الذكاء الاصطناعي بشكل متزايد على أتمتة المهام الروتينية والمتكرّرة في مكان العمل، مما يمكّن البشر من التركيز على حل المشكلات. سيعيد هذا التحول تحديد الأدوار الوظيفية ويؤدي إلى ظهور مسارات وظيفية جديدة تستفيد من البراعة والتعاطف البشري. سيؤدي التعاون بين أنظمة الذكاء الاصطناعي والخبراء البشريين إلى دفع الابتكار وتعزيز الإنتاجية وتعزيز اتخاذ قرارات أكثر استنارة في مختلف الصناعات.

وفي الختام، لدى الذكاء الاصطناعي التوليدي القدرة على إحداث ثورة في مجموعة واسعة من الصناعات والتأثير على حياتنا بطرق لا حصر لها. بدءاً من إنشاء عوالم افتراضية إلى أتمتة المهام المتكرّرة، فإن الذكاء الاصطناعي التوليدي لديه القدرة على تحسين مستوى الإنتاجية بشكل كبير وتعزيز تجاربنا اليومية.

ومع ذلك، ومع تقدّم هذه التقنية وتغلغلها في جوانب مختلفة من حياتنا، يصبح التقاطع بين الذكاء الاصطناعي والأخلاقيات أمراً بالغ الأهمية لضمان نشر الذكاء الاصطناعي بشكل مسؤول ومنصف. يتضمن ذلك معالجة العديد من المخاوف الأخلاقية، مثل استبدال الوظائف ونشر المعلومات المُضلّلة والخصوصية وأمن البيانات، والتي تنشأ من تطوير أنظمة الذكاء الاصطناعي وتنفيذها وحوكمتها.

تتطلب معالجة هذه المخاوف الأخلاقية نهجاً متعدد التخصّصات يتضمن التعاون بين باحثي الذكاء الاصطناعي وعلماء الأخلاق وواضعي السياسات وقادة الصناعة والجمهور الأوسع. من خلال إعطاء الأولوية للأخلاقيات في تطوير الذكاء الاصطناعي ونشره، يمكننا تسخير إمكانات هذه التكنولوجيا التحويلية مع تقليل مخاطرها، وفي النهاية تشكيل مستقبل يفيد البشرية جمعاء.

ترجمة بيتنا أونلاين؛ المقال مترجم من https://bit.ly/436hlMx

مساحة إعلانية