ما أسباب نجاح أو فشل المشاريع الريادية لرواد الأعمال اللاجئين؟

بيتنا أونلاين


تاريخ النشر 2022-06-24

عدد المشاهدات 187

أقل من دقيقة للقراءة

 ما أسباب نجاح أو فشل المشاريع الريادية لرواد الأعمال اللاجئين؟

من مجرّد فكرة رائعة إلى مشروعٍ ناجح، تتحدّد رحلة المشاريع الريادية من الناحية النظرية استناداً إلى الشبكات الاجتماعية والقدرات المعرفية لرواد الأعمال، ولكن كيف يمكننا تفسير نجاح رواد الأعمال اللاجئين الذين تركوا خلفهم كل شيء، بما في ذلك الروابط الإنسانية، والذين غالباً ما تفقد مؤهلاتهم العلمية وتجاربهم المهنية الماضية قيمتها بمجرد الوصول إلى البلدان المضيفة؟ 

يناقش مؤلفو هذا المقال، "يي دراغون يانغ" و"كارولين ستراوب" و"كيم كليفر" و"رينيه ماور"، سبب نجاح بعض اللاجئين في بدء أعمالهم، ويسلّطون الضوء على الطرق المحدّدة التي يفعلون بها ذلك.

"نارنج" هو الاسم الذي اختاره المهندس السوري نبيل عطار للمطعم الذي افتتحه في مدينة أورليان الفرنسية عام 2018. وصل نبيل إلى أورليان قبل عامين بعد أن اضطر للمغادرة مع عائلته بسبب الحرب في سوريا. وعقب نجاحه بامتلاكه مطعماً في قلب المدينة الفرنسية، نشرت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين (UNHCR) تقريراً عن قصة نجاح نبيل، والتي تندرج ضمن قصص نجاح اللاجئين الذين تمكنوا من بدء حياة جديدة في دول اللجوء. ولكن كيف استطاع نبيل تحقيق ذلك؟ تكمن الإجابة في عدة عوامل: شغفه بالطبخ ومشاركته بمهرجان المأكولات الخاص باللاجئين ورغبته في بناء حياة جديدة. يمكننا صياغة هذه العوامل بشكل أكثر وضوحاً كالمعرفة (الطهي) والتحفيز (الرغبة في بدء حياة جديدة) والعلاقات الاجتماعية؛ وهذه هي بالضبط العوامل التي حاولنا – نحن المؤلفين – استكشافها في دراسة أجريناها حول رواد الأعمال اللاجئين.

ولكن لماذا أُجرينا هذه الدراسة؟ الأعمال الحرّة والمشاريع الريادية قد لا تناسب الجميع، لكنها بالتأكيد بالغة الأهمية لعملية اندماج اللاجئين في سوق العمل، خاصة في ظل الأعداد الكبيرة من اللاجئين الذين وصلوا إلى أوروبا على مدى السنوات القليلة الماضية، والذين يُقدر عددهم بما يقارب سبعة ملايين لاجئ.

نظرة على تأسيس المشاريع الريادية عقب الاضطرابات

غالباً ما يُفسَّر نجاح المشاريع الريادية من خلال عنصرين:

-القدرات المعرفية (الخيال والمعرفة والتحفيز) والتي يُعتقد أنها تحدّد القدرة على إدراك الفرص وإنشاء أعمال تجارية جديدة.

-الشبكات الاجتماعية، والتي من خلالها يقوم رواد الأعمال بإشراك الأطراف المعنية وأصحاب المصالح.

ما تفترضه الكتب والمؤلفات عموماً هو أن الخبرات التي يكتسبها رواد الأعمال وسط بيئات مستقرة نسبياً تسمح لهم بالاستفادة من قدراتهم المعرفية المتراكمة والشبكات الاجتماعية في إيجاد الفرص. لكن الأحداث المفاجئة في الحياة، مثل موت أحد الأحباء أو التهديد بالعنف، قد تُخِل بهذا التدفق المستمر للحياة والعمل.  وبسبب الأحداث المفاجئة والهدامة في أوطانهم، غالباً ما يبدأ اللاجئون حياتهم في البلدان المضيفة بقدرات معرفية ضعيفة وشبكات اجتماعية متصدّعة. وعلى عكس رواد الأعمال العاديين، يشرع اللاجئون في رحلة تأسيس مشاريعهم الريادية الجديدة دون معرفة مسبقة بالسوق المحلية وقد يواجهون العزلة بسبب ضعف المهارات اللغوية.

مع ذلك، هناك العديد من اللاجئين الذين تمكنوا من بدء أعمال تجارية جديدة. على سبيل المثال، رغم قسوة الظروف المضطربة والتحديات الكبيرة في مخيم الزعتري في الأردن، أنشأ اللاجئون في المخيم أكثر من 3000 شركة ناشئة غير رسمية، مما يدر عائدات بنحو 13 مليون دولار شهرياً. ولكن كيف يتمكن اللاجئون من إطلاق أعمالهم التجارية على الرغم من الظروف الصعبة التي تحيط بهم؟ هذا ما سنناقشه في هذا المقال. 

لغرض الدراسة المذكورة أعلاه حول رواد الأعمال اللاجئين، قمنا بجمع البيانات من 18 لاجئاً سورياً في فرنسا وألمانيا وسويسرا على مدار أربع سنوات، وتعقبنا 50 فكرة و354 إجراءً ذا صلة. وقد استخدمنا نموذج "عملية البحث عن الفرص الريادية المحتملة" الذي يُقسّم إجراءات رواد الأعمال إلى ثلاث مراحل:

1- التصوّر (النظر في فكرة عن منتج أو خدمة جديدة)؛

2- تحديد أهداف المشروع (التوصل إلى توافق في الآراء بين الزملاء المطلعين من ذوي الكفاءة والمعرفة حول جدوى الفكرة)؛ و

3- التنفيذ (اتخاذ إجراءات لجذب أصحاب المصلحة وتحويل الفكرة إلى مشروع عمل على أرض الواقع).

الأنماط الأربعة لريادة الأعمال ضمن أوساط اللاجئين

حدّدنا من خلال التحليلات التي أجريناها أربعة أنماط توضح احتمالية انتقال رواد الأعمال من مرحلة إلى أخرى، والتسلسل عبر مراحل العملية، واستمرارية العملية. الأنماط الأربعة هي كما يلي:

1-البقاء في مرحلة التصوّر

تحدث بعض المشاركين في الدراسة عن أفكار متعددة لكنهم لم يتخذوا الإجراءات اللازمة لتحويلها إلى واقع. على سبيل المثال، كان لدى أحد السوريين فكرة حول إنشاء موقع للترجمة الآلية وشريحة لعربات السوبر ماركت، لكنه تخلّى عن الفكرة بسبب غياب الدعم المالي وكذلك الإرشاد والتوجيه.

2-التركيز وقلة العمليات التكرارية

كان لدى المشاركين بعض الأفكار المركزة واتبعوا عملية خطية ثابتة في الغالب؛ بدءً من التصوّر إلى تحديد أهداف المشروع إلى التنفيذ، لكنهم لم يحاولوا تكرار العملية وتحليل النتائج وتعديل الأداء لتحقيق الكفاءة النهائية على أمل تحقيق هدف أو نتيجة معينة.

3-تخطي المراحل ثم التكرار

كانت تصرفات المشاركين غير منظمة، حيث قفزوا مباشرة من مرحلة التصوّر إلى التنفيذ، ثم عادوا إلى مرحلة تحديد أهداف المشروع. ومن الأمثلة على ذلك امرأة كانت تدير شركة تجارية في سوريا وحاولت تكرار نجاحها في سويسرا من خلال التواصل مع معارفها السابقين في سوريا قبل فهم السوق المحلية.

4-التنفيذ بعد عملية تكرار مبكرة

تأرجح رواد الأعمال هؤلاء بين مرحلتي التصوّر وتحديد أهداف المشروع عدة مرات قبل أن يتوصلوا أخيراً إلى طريقة معينة لتنفيذ أفكارهم، ثم بقوا غارقين في مرحلة التنفيذ حتى تحولت الفرصة إلى منتج تم اختباره من قبل السوق. 

مفتاح النجاح: الاندماج في البلد المضيف

ما سبب هذه الاختلافات في الأنماط؟ لقد وجدنا أن مستوى "اندماج" رواد الأعمال في البلد المضيف قد أثّر على مواءمة قدراتهم المعرفية والاستفادة من الشبكات الاجتماعية. ونعني بالاندماج هنا هو مدى فهم واستيعاب الأفراد للمعايير الثقافية للبلد المضيف وقيمه وإجراءاته الروتينية، كما أن المفهوم يرتبط ارتباطاً وثيقاً بالتصورات الزمنية.

أثناء التنقل بين مراحل عملية البحث عن الفرص الريادية المحتملة، بقي الوطن الأم مترسخاً في عقول رواد الأعمال الذين اتبعوا النمطين 1 و3، ورغم أن هذا أتاح لهم الوصول السريع إلى الموارد والمعارف –مما سمح لهم بطرح الأفكار بسرعة – إلّا أن ذلك لم يكن كافياً لإيجاد فرص ريادية مفيدة في سياق البلد المضيف. كان رواد الأعمال هؤلاء عالقين في الماضي، وكانوا متحمسين جداً للعودة إلى سوريا عندما يتم استعادة مقومات الاستقرار والازدهار من جديد في البلاد. 

وبالمقابل، كان رواد الأعمال الذين اتبعوا النمط 2 مندمجين في البلد المضيف مع الحفاظ على صلات بوطنهم الأم، مما ساعدهم على المضي قدماً. ولكنهم كانوا منقسمين بين الماضي والحاضر، وأدت المعلومات التي حصلوا عليها من شبكاتهم الاجتماعية في أوطانهم والبلدان المضيفة في النهاية إلى إرباك عملية صنع القرار.

وأخيراً، كان رواد الأعمال الذين اتبعوا النمط 4 مندمجين تماماً في البلد المضيف، ويعملون على أفكار جديدة ويستفيدون من الشبكات المحلية –مثال على ذلك نبيل عطار الذي قام بتحضير أطباقه السورية حسب الذوق الفرنسي.

خلاصة القول، تُعتبر النتائج التي توصلنا إليها وثيقة الصلة باللاجئين وبرامج الدعم في الاتحاد الأوروبي. ينبغي للاجئين أن يركزوا على تلقي معلومات منتظمة ومتسقة من البلدان المضيفة من أجل الحصول على معلومات جديدة حول ما يجب القيام به وكيفية القيام به في السياق الجديد.

ترجمة بيتنا أونلاين؛ المقال مترجم من https://bit.ly/3H9KBHD 

مساحة إعلانية