ما معنى المسؤولية الاجتماعية للشركات؟

بيتنا أونلاين


تاريخ النشر 2022-06-15

عدد المشاهدات 5780

أقل من دقيقة للقراءة

ما معنى المسؤولية الاجتماعية للشركات؟

يشير مفهوم المسؤولية الاجتماعية للشركات (CSR)، إلى الجهود التي تبذلها الشركة لتحسين المجتمع والمساهمة في التنمية المستدامة وتشجيع الشركات على إدارة أعمالها بطريقة أخلاقية والعمل من أجل إحداث تأثير أكثر إيجابية على المجتمع. هذا المقال مخصص لأصحاب الشركات الذين يرغبون بتنفيذ أو تحسين مبادرات المسؤولية الاجتماعية ويريدون معرفة المزيد حول مزايا هذه المبادرات وسلبياتها وأفضل الطرق لتنفيذها.

ما هي المسؤولية الاجتماعية للشركات؟

المسؤولية الاجتماعية للشركات (CSR)، والمعروفة أيضاً بمسؤولية الشركات تجاه المجتمع، هي نوع من التنظيم الذاتي للشركات بهدف تعزيز المساءلة الاجتماعية وإحداث أثر إيجابي على المجتمع. ويمكن للشركات أن تنفذ مبادرات وبرامج المسؤولية الاجتماعية من خلال استخدام التقنيات ووسائل الإنتاج غير الضارة بالبيئة؛ وتعزيز المساواة والتنوع في أماكن العمل؛ واحترام الموظفين؛ ورد الجميل للمجتمع؛ والتأكد من أن القرارات المتعلقة بالعمل تتوافق مع أخلاقيات العمل. يحكم المستهلكون والموظفون وأصحاب المصلحة في وقتنا الحالي على الشركات من خلال كيفية تأثير أنشطتها على المجتمع والاقتصاد والبيئة والمجتمع ككل.

كان مفهوم المسؤولية الاجتماعية للشركات لا يتجاوز نطاق المبادرات الاختيارية التي تقوم بها الشركات صاحبة الشأن بإرادتها المنفردة تجاه المجتمع، لكنه الآن ينطوي على تطبيق العديد من اللوائح الإلزامية على المستويات الإقليمية والوطنية والدولية. ورغم ذلك، هناك العديد من الشركات التي تتجاوز مسألة تطبيق المتطلبات القانونية، وتختار تضمين فكرة "فعل الخير" في نماذج عملها.

لا توجد طريقة واحدة للمساهمة في المسؤولية الاجتماعية، ولكن هناك أمر واحد مؤكد: يجب أن تكون حقيقية وفعلية. وفي ظل اتساع نطاق الوعي الاجتماعي اليوم، أصبح الموظفون والمستهلكون ميالين بشدّة للتعامل مع الشركات التي تُعطي الأولوية للمسؤولية الاجتماعية، وهم قادرون على كشف نفاق الشركات وتلاعبها. 

لضمان الالتزام بمبادرات المسؤولية الاجتماعية، يجب على الشركة النظر في قيمها ومهمتها والقضايا الأساسية، وتحديد المبادرات التي تتوافق مع أهداف الشركة وثقافتها. ويمكن للشركة القيام بذلك داخلياً أو عبر توظيف طرف ثالث لإجراء التقييم. 

ينبغي أن نبدأ أولاً بمراجعة أهداف الأمم المتحدة السبعة عشر للتنمية المستدامة. هناك عدة أهداف ربما تنطبق على معظم الشركات مثل "الصحة الجيّدة والرفاه" أو "المساواة بين الجنسين"، لكن الأهداف المحدّدة مثل "الحياة تحت الماء" أو "الطاقة النظيفة وبأسعار معقولة" قد تنطبق على صناعات محدّدة مثل شركات تكنولوجيا المياه أو شركات توريد الطاقة. 

أهمية مفهوم المسؤولية الاجتماعية للشركات:

هناك عدة أسباب تدفع الشركات إلى تبني المسؤولية الاجتماعية؛ ومنها:

1- تحسين الصورة الذهنية لدى عملاء الشركة:

أصبح من المهم جداً اليوم أن يكون لدى الشركة صورة تؤكد على قدرتها على إدارة مسؤولياتها الاجتماعية، إذ يمنح المستهلكون والموظفون وأصحاب المصلحة الأولوية للشركات التي تلتزم بمسؤولياتها تجاه المجتمع، ويُحمّلون الشركات مسؤولية إحداث التغيير الاجتماعي من خلال معتقداتهم وممارساتهم وأرباحهم.

تقول كاتي شميدت، مؤسِّسة شركة "باشن ليلي" للأزياء (Passion Lilie): "ما يعتقده الجمهور عن الشركة هو أمر بالغ الأهمية لضمان نجاحها. من خلال بناء صورة إيجابية تؤمن بها، يمكنك إظهار شركتك على أنها مسؤولة اجتماعياً". ولكي تتمكن الشركة من التفوّق والتميّز بين المنافسين، يجب أن تثبت للجمهور أنها قوة من أجل الخير؛ وإحدى الطرق الممتازة التي تساعد الشركة على زيادة قيمتها هي مناصرة قضايا اجتماعية هامة.

وفقاً لدراسة بعنوان "كانتار بربس 2020" (Kantar Purpose 2020)، أجرتها شركة "كانتار" العالمية في مجال البيانات والرؤى والاستشارات، يوجد علاقة مباشرة بين التأثير الإيجابي المُتصور وارتفاع قيمة العلامة التجارية. إذ حققت الشركات التي يعتبِرُها الجمهور "مؤثرة" نمواً في قيمة العلامة التجارية بنسبة 175٪ على مدار 12 عاماً، بينما حققت الشركات ذات التأثير الإيجابي المنخفض نمواً بنسبة 70٪ فقط. 

وتشير شميدت أيضاً إلى أن سياسات التنمية المستدامة تساعد الشركات على خفض تكاليف الإنتاج وتحقيق المزيد من الأرباح، على سبيل المثال، تستطيع الشركات خفض نفقاتها من خلال التقليل من استخدام الطاقة أو خفض استخدام عبوات التغليف. 

2- جذب الموظفين والاحتفاظ بهم:

المستهلكون ليسوا هم الوحيدين الذين ينجذبون إلى الأنشطة التجارية التي تساهم في تحسين مجتمعاتهم. وفقاً لسوزان كوني، رئيسة برنامج التنوع والإنصاف والشمول في شركة "سيمانتك" (Symantec)، تُعد استراتيجية الاستدامة عاملاً هاماً جداً بالنسبة لأصحاب المواهب المرموقة عندما يريدون اختيار أماكن عملهم. وتضيف كوني: "يبحث الجيل القادم من الموظفين عن شركات ُتركز على الناس والبيئة والأرباح".

وفقاً لاستطلاع أجرته شركة "ديلويت" (Deloitte) عام 2022، يُفضّل شباب جيل الألفية وجيل زد –الأجيال الشابة التي نشأت مع تطور التكنولوجيا– الثقافة والتنوع والتأثير على العائدات المالية. ويُقدَّر أن 44٪ من جيل الألفية و49% من جيل زد يعتمدون على مبادئهم الشخصية لتحديد نوع العمل والشركات التي سينضمون إليها. ووفقاً لدراسة أجرتها شركة العلاقات العامة "بورتر نوفيلي" (Porter Novelli) عام 2021، أعرب نحو 70% من المُستجيبين عن عدم رغبتهم بالعمل لصالح شركة ليس لديها هدف قوي. علاوة على ذلك، من المُرجح أن يستمر الموظفون في العمل في الشركات التي يشاركونها نفس القيم. يُظهر تقرير "اتجاهات التسويق العالمي لعام 2020" لشركة ديلويت أن الشركات التي تُحركها أهداف معينة تحتفظ بالمواهب أكثر من منافسيها بنسبة تصل إلى 40%. ووفقاً لتقرير صادر عن مركز واشنطن للنمو العادل، تبلغ التكلفة المُقدرة لفقدان الموظف في المتوسط 40% من راتبه السنوي؛ مما يعني أن منح موظفيك إحساساً بالهدف والمعنى في عملهم هو أمر يستحق العناء.

3- جذب انتباه المزيد من المستثمرين:

ستستقطب الشركات دون شك كل من المستثمرين الحاليين والمستقبليين من خلال وضع برمج ومبادرات مرموقة لتعزيز المسؤولية تجاه المجتمع.

وفقاً لدراسة صدرت عام 2021 عن لجنة تشجيع الأعمال الخيرية للشركات "سي إي سي بي" (CECP)، يلعب المستثمرون دوراً متزايداً كأصحاب مصلحة رئيسيين في المسؤولية الاجتماعية للشركات. وكان نحو 80% من الشركات التي شملتها الدراسة منفتحة لتزويدها بالبيانات والنظر في مسألة الاستدامة. وتماماً مثل العملاء، يُحمِّل المستثمرون الشركات المسؤولية عندما يتعلق الأمر بالتزامات تجاه المجتمع. وفي الوقت ذاته، ينظر المستثمرون إلى الشركات التي تأخذ مبادرات المسؤولية الاجتماعية على محمل الجد على أنها مهتمة بتحقيق مكاسب على المدى الطويل وعلى المدى القصير على حد سواء. ترتبط المسؤولية الاجتماعية للشركات ارتباطاً وثيقاً بالمقاييس البيئية والاجتماعية والحوكمة (ESG) التي تساعد المحللين الخارجيين على قياس الجهود الاجتماعية للشركة، وتصبح بذلك عاملاً رئيسياً في جذب اهتمام المستثمرين. 

أربعة أنواع للإجراءات التي يمكن للشركة القيام بها للوفاء بمسؤوليتها تجاه المجتمع

هناك العديد من الإجراءات التي يمكن للشركة القيام بها للوفاء بمسؤوليتها الاجتماعية؛ وأكثرها شيوعاً هي:

1) الاستدامة البيئية: تُركز مبادرات الاستدامة البيئية التي تنفذها الشركات بوجه عام على مجالين رئيسيين: الحد من التلوث والحد من غازات الاحتباس الحراري. ومع تزايد الوعي بالقضايا البيئية، فإن الشركات التي تتخذ خطوات للحد من تلوث الهواء والأرض والمياه يمكن أن تزيد من مكانتها بشكل عام. 

2) العمل الخيري: ويشمل المبادرات الخيرية التبرع بالوقت أو المال أو الموارد للجمعيات الخيرية والمنظمات على المستويات المحلية أو الوطنية أو الدولية. يمكن توجيه هذه التبرعات إلى مجموعة متنوعة من الأسباب الجديرة بما في ذلك حقوق الإنسان والإغاثة من الكوارث الوطنية والمياه النظيفة وبرامج التعليم في البلدان المتخلفة.

3) الممارسات التجارية الأخلاقية: التركيز الأساسي على الأخلاق هو توفير ممارسات العمل العادلة لموظفي الشركات، فضلاً عن موظفي مورديها. تشمل الممارسات التجارية العادلة للموظفين المساواة في الأجور وتعويضات الأجور المعيشية. تشمل ممارسات العمل الأخلاقية للموردين استخدام المنتجات التي تم اعتمادها لتلبية معايير التجارة العادلة. 

4) التطوّع: ويشمل المشاركة في القضايا المحلية أو التطوع خلال الأحداث المجتمعية. تُعبّر الشركات عادةً عن دعهما لقضايا وأسباب اجتماعية معينة عندما تقوم بأعمال دون مقابل.

تأسيس شركات معنية بمفهوم المسؤولية الاجتماعية

رغم أن رأس المال في الشركات الناشئة والصغيرة ليس كبيراً مقارنة بالشركات الكبرى، إلّا أن هذه الشركات قادرة على التأثير بقوة، لا سيما ضمن مجتمعاتها المحلية.

تقول شميدت: "إذا كنت ترغب في التبرع أو العطاء، ابدأ محلياً، ثم انطلق من هناك. ساهم في العطاء حتى لو بنسبة 5%؛ ورغم أن النسبة تبدو قليلة، إلّا أنها قادرة على إحداث فرق".

قم بالتشاور مع موظفيك عند إطلاق المبادرات الاجتماعية، ثم أنشئ فريقاً داخلياً لقيادة الجهود وتحديد المنظمات أو الأسباب التي لها صلة بعملك، أو لتحديد القضايا التي يعتقد موظفيك بأنها هامة. وعلى هذا النحو، سيرتفع مستوى التفاعل والنجاح عندما تساهم في قضايا تُعتبر هامة بالنسبة لموظفيك، وقد يؤدي إشراك موظفيك في صنع القرار أيضاً إلى إضفاء الوضوح على أدوار ومسؤوليات فريق العمل.

تقول كوني: "إذا تم اتخاذ قرارات بشأن المسؤولية الاجتماعية خلف الأبواب المغلقة، فسوف يتساءل الناس عما إذا كان هناك قيود أو شروط، وما إذا كانت التبرعات تذهب حقاً إلى حيث يقولون". وتضيف: "دع موظفيك والمستهلكين يشاركون في مساهماتك الاجتماعية؛ دعهم يشعرون أن لديهم رأي". اجعل المستهلكين على علم بما تفعله بخصوص الوفاء بمسؤولياتك الاجتماعية.

ما ينبغي تجنبه عند إنشاء نموذج عمل يراعي مفهوم المسؤولية الاجتماعية للشركات

قد تكون عملية التحوّل إلى شركة مسؤولة اجتماعياً أمراً بسيطاً، ولكن هناك بعض التحفظات:

  • لا تختر مبادرات غير مرتبطة بمجال عملك:

تجنب المشاركة في الأعمال الخيرية التي لا تتعلق بمجال عملك الأساسي أو التي تنتهك المعايير الأخلاقية لشركتك بأي شكل من الأشكال. بدلاً من إرسال الأموال بشكل عشوائي إلى منظمة ما، ابحث عن منظمة غير ربحية تؤمن بها شركتك أو استثمر في مشروع ضمن مجتمعك.

  • لا تستخدم مفهوم المسؤولية الاجتماعية كوسيلة للترويج لعملك:

تجنب استخدام مفهوم المسؤولية الاجتماعية لأغراض التسويق فقط. وفي هذا السياق، تشير شميدت إلى أن إدارة حملة تسويقية سريعة لتسليط الضوء على مدى التزام الشركة بمسؤولياتها الاجتماعية يمكن أن يأتي بنتائج عكسية إذا لم تكن الشركة فعلاً ملتزمة بالوفاء بتعهداتها؛ يتفاعل الموظفون والمستهلكون بشكل إيجابي مع الشركات التي تتبنّى مبادرات المسؤولية الاجتماعية على المدى الطويل.

  • لا تنتظر صدور القوانين:

إذا كنت تفكر في القيام بأنشطة مستدامة ليست مطلوبة قانونياً بعد، فابدأ الآن ولا تنتظر، وعلى هذا النحو، أنت تساهم في تحدد المعايير التي يجب الوفاء بها في مجال عملك من خلال تبني معايير المسؤولية الاجتماعية في مراحل مبكرة. تُعتبر المسؤولية الاجتماعية للشركات مكسباً للجميع، فالآثار الناجمة عن أعمالك ستجذب المستهلكين والموظفين المهتمين بقضايا التنمية المستدامة والمسؤولية الاجتماعية، وأيضاً ستحدث فرقاً حقيقياً في العالم.

أمثلة على الشركات التي تتحمل مسؤولياتها تجاه المجتمع وتجاه البيئة 

إذا كنت تبحث عن مصدر إلهام بشأن مفهوم المسؤولية الاجتماعية للشركات، فإليك أربع شركات تتحمل مسؤولياتها تجاه المجتمع وتجاه البيئة:

  • شركة الأدوية "جونسون أند جونسون" (Johnson & Johnson): 

تركز شركة جونسون أند جونسون على حماية البيئة من خلال الاستثمار في مصادر الطاقة البديلة، وعلى الصعيد العالمي، تعمل أيضاً على توفير مياه نظيفة للمجتمعات.

  • سلسلة مقاهي "ستاربكس" العالمية (Starbucks): 

نفذت سلسلة مقاهي ستاربكس العالمية عملية توظيف وفق معايير المسؤولية الاجتماعية لتنويع القوى العاملة لديها، إذ تركز الشركة جهودها على توظيف المزيد من المحاربين القدامى واللاجئين والشباب الذين يتطلعون لبدء حياتهم المهنية. 

  • شركة "غوغل" (Google): 

أثبتت شركة غوغل التزامها بحماية البيئة من خلال الاستثمار في مصادر الطاقة المتجددة ومباني المكاتب المستدامة. من المعروف أيضاً أن المدير التنفيذي لغوغل، ساندر بيتشاي، له عدة مواقف بشأن بعض القضايا الاجتماعية.

  • شركة الأدوية "فايزر" (Pfizer):

يتجلى تركيز الشركة على المسؤولية الاجتماعية في مبادراتها حول الرعاية الصحية؛ والتي تشمل نشر الوعي حول الأمراض غير المُعدية وتقديم خدمات صحية سهلة المنال بالنسبة للنساء والأطفال المحتاجين.

ترجمة بيتنا أونلاين؛ المقال مترجم من https://bit.ly/3z4Dj61

مساحة إعلانية