هل يمكن للأتمتة تعويض نقص الأيدي العاملة؟

بيتنا أونلاين


تاريخ النشر 2023-03-6

عدد المشاهدات 119

أقل من دقيقة للقراءة

هل يمكن للأتمتة تعويض نقص الأيدي العاملة؟

يواجه العالم نقصاً متزايداً في الأيدي العاملة، لكن ربما من الصعب تصديق ذلك، خاصةً بعد أن أعلنت الأمم المتحدة أن عدد سكان العالم تجاوز الـ 8 مليارات نسمة، لكن أزمة الأيدي العاملة هي مشكلة متنامية عبر الاقتصادات النامية والناضجة – الاقتصاد الناضج هو اقتصاد دولة ذات تعداد سكاني مستقر ونمو اقتصادي متباطئ – وهذا النقص يشمل مختلف الصناعات وقطاع التكنولوجيا وله آثار خطيرة على الاقتصاد العالمي.

في الاقتصادات المتقدمة، مثل الولايات المتحدة وكندا وإيطاليا وألمانيا واليابان وأستراليا والمملكة المتحدة وفرنسا، وصل جيل طفرة المواليد (Baby Boomers) –الذين ولدوا خلال السنوات التي تلت الحرب العالمية الثانية بين عامي 1946- 1964 – إلى عتبة الشيخوخة، وخرج معظمهم من سوق العمل على الأقل خلال السنوات العشر الماضية. وهناك عدداً أقل من الأشخاص المتاحين لملء هذه المناصب الشاغرة حديثاً.

تساهم العديد من العوامل في نقص العمالة في الوظائف الحرجة، مثل القوالب النمطية حول العمل الصناعي، وعدم تطابق المهارات المطلوبة مقابل المهارات المتوافرة، وزيادة الضغط على الشباب للحصول على شهادات جامعية بدلاً من دخول سوق العمل.

غالباً ما تم التعامل مع هذه المشكلة عن طريق نقل الصناعات والأعمال التجارية إلى بلدان تنخفض فيها تكاليف الإنتاج. لكن الآن، حتى مراكز التصنيع القوية مثل الصين والهند وتايوان وبنغلاديش وفيتنام، إلى جانب الأرجنتين وكولومبيا وتركيا، تعاني من نقص في الأيدي العاملة وتباين في المهارات التي تهدد مجموعة متنوعة من الصناعات.

في تايلاند، هناك حاجة إلى 500 ألف عامل مهاجر إضافي من البلدان المجاورة للعمل في مجال تصنيع الأغذية والبناء والزراعة. كما تواجه بولندا ضغوطاً لأن حرب أوكرانيا منعت المهاجرين الأوكرانيين من العمل في المصانع البولندية. وفي جميع أنحاء العالم، يساهم انخفاض معدلات المواليد في استمرار هذا النقص وتحوله إلى مشكلة مستمرة.

الأتمتة والقوى العاملة

الأرقام لن تكون في مصلحتنا دون أن نغيّر نُهجنا. وبينما نتطلع إلى مستقبل التصنيع، فإن أفضل حل، ولأسباب عديدة، هو تمكين القوى العاملة المتاحة وصقلها لمضاعفة عملها. فاليد العاملة المطلوبة هي تلك المُدربة تدريباً عالياً وتعمل بالتنسيق مع أحدث التقنيات والأتمتة.

الأتمتة لا تسرّع عملية التصنيع فحسب؛ بل إنها تزيد من المواهب النادرة. يمكن للعمال اكتساب مهارات عالية جداً من خلال المضي قدماً عبر الصناعات والأتمتة وإنترنت الأشياء للقطاع الصناعي (IIoT) والواقع الافتراضي والمُعزّز (AR) والآلات المجهزة بالذكاء الاصطناعي. تساعد هذه التطورات في إنشاء عمليات أكثر كفاءة وتحسين معايير السلامة وتقصير وقت التدريب وتخفيف ضغوط العمل.

الأتمتة قادرة على جعل أماكن العمل أكثر شمولاً

يمكن للأتمتة الأساسية أيضاً أن تمكّن الآلات من رفع الأوزان الثقيلة وغيرها من المهام الصعبة جسدياً، مما يجعل وظائف التصنيع أكثر شمولاً وواقعية لمجموعة أوسع العمال. كما أنها تحسن السلامة عن طريق إبعاد البشر عن البيئات الخطرة، مثل تصنيع المواد الكيميائية وصناعة الصلب، وتقلّل من مخاطر الإصابات والحوادث المتكررة.

كما أن استخدام تقنيات الواقع الافتراضي والمُعزّز يساعد في إجراء التدريبات في اللحظة التي تكون فيها ضرورية، مما يقلّل من منحنى التعلّم لتمكين العمال من مواكبة التغييرات والسماح لهم بتلقي التدريب المناسب في الوقت المناسب. 

يمكن للأتمتة خلق مزيداً من فرص العمل

المخاوف التي ظهرت مؤخراً بشأن الأتمتة التي ستستولي على وظائف البشر هي ربما مخاوف طبيعية، ولكن لا أساس لها من الصحة. لقد ثبت أن الأتمتة تخلق العديد من الوظائف مقارنة بتلك التي تستولي عليها، وأن عدم المساواة والركود في الأجور سببه مجموعة متنوعة من العوامل ولا يمكن إلقاء اللوم على الأتمتة وحدها.

من المهم أن ندرك أن الأتمتة، إلى جانب التقنيات المبتكرة الأخرى، تجعل التصنيع أكثر ملائمة للعمال. تدعم هذه الوظائف الأسر ولها مسار تصاعدي من خلال رفع المهارات –بالإضافة إلى كونها أكثر أماناً وأقل تكراراً وأكثر شمولاً من خلال تقليل أو إلغاء متطلبات القوة الجسدية للأدوار المختلفة.

بكل الأحول، هناك بعض الحواجز التي تحول دون اعتماد الأتمتة على نطاق واسع، ولا سيما في الدول النامية. فالفجوة الرقمية، على سبيل المثال، ستُميّز بوضوح بين الشركات التي تستفيد من مزايا الأتمتة وتلك التي لا تستطيع ذلك. وبالتالي ستبقى الأولى في المقدمة، بينما الأخيرة ربما في طي النسيان. 

لكن هذه الفجوات الاقتصادية المحتملة ليست سبباً للخوف من الأتمتة. وبدلاً من ذلك يجب أن نعيد تركيز جهودنا على الاستثمار في البنية التحتية الهامة والفرص التعليمية لتنمية الاقتصادات، مما يسمح للمؤسسات والشركات بالاستفادة من أحدث تقنيات الأتمتة.

يُقدّر المنتدى الاقتصادي العالمي أنه بحلول عام 2025، ستخلق تقنيات مثل الذكاء الاصطناعي والأتمتة ما لا يقل عن 12 مليون وظيفة، وهي إشارة إلى أن زيادة تطور التكنولوجيا والأتمتة عبر الصناعات على المدى الطويل ستكون أمراً إيجابياً للمجتمع.

شهد التاريخ البشري أربع تغييرات رئيسية في طريقة عمله: الصيد وجمع الثمار ثم الزراعة المستقرة ثم الثورة الصناعية ثم عصر المعلومات. ولم تؤدي أي من هذه التحولات الرئيسية إلى زيادة البطالة. على العكس، الابتكارات التي تدفع هذه التقنيات الجديدة ستزيد الطلب على العمالة. 

لم يكن بإمكان هنري فورد أن يتصوّر الحاجة إلى مهندس برمجيات تماماً مثل مزارع في القرن الثامن عشر الذي لم يكن بمقدوره التنبؤ بالحاجة إلى ميكانيكي لمحركات الديزل!

 لن تبدو وظائف المستقبل مثل وظائف الماضي وهذا أمر جيد، وستؤدي الثقة في القدرات العظمى التي أنشأتها الأتمتة إلى دفع الابتكار والكفاءة، مما يؤدي إلى المزيد من الفرص المناسبة للقوى العاملة في المستقبل.

ترجمة بيتنا أونلاين؛ المقال مترجم من موقع منتدى الاقتصاد العالمي؛

رابط المقال: https://bit.ly/3ZoPkxV 

مساحة إعلانية