التحيّز اللاواعي في مكان العمل

بيتنا أونلاين


تاريخ النشر 2022-07-18

عدد المشاهدات 453

أقل من دقيقة للقراءة

التحيّز اللاواعي في مكان العمل

وفقاً لمجلة "فوربس" الأمريكية (Forbes)، يعالج الدماغ البشري لا شعورياً نحو 11 مليون جزء من المعلومات في الثانية، بينما يعالج فقط 40 جزء بشكل واعي. وفي ظل هذا العدد الكبير من القرارات التي تتم معالجتها والوصول إليها بشكل لا شعوري، فمن الأهمية بمكان أن تدرك الشركات والمؤسسات المخاطر المترتبة على ذلك في أنشطتها اليومية، وأن تسعى إلى توعية موظفيها لمساعدتهم على التخلص من تحيّزاتهم الضمنية من أجل تعزيز بيئات عمل تتسم بالشمولية والاحترافية والتنوع.

ما هو التحيّز اللاواعي؟

يشير التحيّز اللاواعي أو التحيّز الضمني، كما يُعرف أيضاً، إلى الربط الذهني الذي يتم إجراؤه بين الصفات والفئات الاجتماعية المختلفة مثل العرق أو الجنس أو الإعاقة، وهي أحكام مسبقة يتم إجراؤها دون إدراك واعي. وتساهم هذه التفضيلات التلقائية أو الصور النمطية بشكل رئيسي في غياب التنوع والشمولية في أماكن العمل. قام فريق من علماء علم النفس الاجتماعي من جامعة ييل وواشنطن عام 1998 بإجراء دراسة بارزة للبحث عن الحقائق الكامنة وراء تحيّزات الناس، وقاموا بقياس السبب الجذري لتحيّزاتهم، وخلصت الدراسة إلى أن التحيّزات موجودة لدى 90-95% من البشر. 

لسوء الحظ، أصبح التحيّز اللاواعي حقيقة شائعة في حياتنا، وأشارت شركة " ماكنزي آند كومباني" الأمريكية (McKinsey & Company) إلى تحيّز الذكاء الاصطناعي أيضاً، والذي يمكن تعريفه على أنه حالة انحراف في نتائج خوارزميات التعلّم الآلي يحدث بسبب وجود فرضيات مُتحيّزة أثناء عملية تطوير الخوارزمية، وتمثل انعكاساً لعنصرية المجتمع وتحيّزه ضد فئة معينة، أو قد يكون نتيجة تحيّز في بيانات التدريب التي يتم تغذية نظام الذكاء الاصطناعي بها.

تؤثر خلفيتنا وخبراتنا الحياتية وقيمنا الثقافية على قراراتنا، وقد طوّر العقل البشري عبر الزمن القدرة على استخدام هذه التجارب لإنشاء روابط مختصرة تتيح لنا إمكانية التنقل عبر الكم الهائل من المعلومات التي نتعرض لها يومياً. ربما تكون هذه القدرة المعرفية مفيدة جداً، ولكنها غالباً ما تؤدي إلى اتخاذ قرارات سريعة والتي ربما تكون خاطئة في كثير من الأحيان. وفي سياق العمل، يمكن أن يكون لذلك تأثير سلبي على قرارات التوظيف، ويعيق تطور الموظفين، ويضعف التنوع ويزيد من معدل فقدان الموظفين والعاملين في الشركات والمؤسسات.

أنواع التحيّز اللاواعي

عادةً ما تكون التحيّزات اللاواعية خارجة عن وعينا ويمكن أن تؤثر دون قصد على من يتم اختياره لإجراء مقابلات العمل، وكيفية إجراء المقابلات، ومن الذي يتم تعيينه وأسباب التوظيف. الخطوة الأولى في مكافحة التحيّزات اللاواعية هي أن نكون على دراية بأنواعها المختلفة من أجل التعرّف على هذه المواقف وكيف يتم التعبير عنها في سلوكنا.

  • التحيّز القائم على الجنس (Gender bias)

التحيّز القائم على الجنس هو ببساطة تفضيل لأحد الجنسين على الآخر. وكثيراً ما ينتج ذلك عن معتقداتنا العميقة الجذور بشأن أدوار الجنسين والقوالب النمطية.

  • تحيّز الألفة (Affinity bias)

يشير تحيّز الألفة إلى التفضيل غير الواعي لمن يشبهوننا سواء كان هذا الشبه في الشكل أو في الصفات أو في المعتقدات، حيث نميل أكثر للعمل والحديث مع أولئك المتوافقين معنا.

  • تأثير الهالة (Halo effect)

يحدث تأثير الهالة عندما نركز على ميزة رائعة خاصة عند الشخص، مما يجعلنا نشاهد كل شيء عن الشخص في ضوء هذه "الهالة"، ويجعلنا نعتقد أنه أكثر مثالية مما هو عليه.

  • تأثير القرن (Horns effect)

تأثير القرن هو عكس تأثير الهالة، إذ نركز على ميزة سلبية بشكل خاص عن شخص ما، والتي تغيّر نظرتنا لصفاته الأخرى.

  • تحيّز الجمال (Beauty bias)

إنه سلوك اجتماعي وغالباً ما يؤثر سلباً على النساء في مكان العمل. على سبيل المثال، يُنظر إلى النساء الجذابات على أنهن أقل كفاءة من نظرائهن من الرجال.

  • التحيّز التأكيدي (Confirmation bias)

يشير التحيّز التأكيدي إلى الطريقة التي يبحث بها الأشخاص أساساً عن أجزاء من الأدلة التي تدعم آرائهم، بدلاً من النظر إلى الصورة بأكملها. 

تأثيرات التحيّز اللاواعي في مكان العمل

من المُعترف به على نطاق واسع بأن تنوع الأفكار والابتكار ضروريان جداً لتحقيق النتائج النهائية وزيادة الإنتاجية في مكان العمل، لكن تفضيلاتنا الضمنية للأشخاص الذين يشبهوننا مازالت تتحدى قدرتنا على خلق هذه الظروف.

 يمكن أن تؤثر التحيّزات في كل تفاعل نقوم به، بدءً من اللغة المستخدمة في التوصيفات الوظيفية والقرارات بشأن من يجب تعيينه أو ترقيته، إلى المسؤولين الذين يتجاهلون الأداء الضعيف للموظفين الذي يعرفونهم ويحبونهم.

خلال عملية التوظيف، يمكن أن تؤدي التحيّزات إلى إصدار التعميمات التي تحدّد المرشح المناسب للوظيفة بناءً على الأصل المُتصور لاسمه أو جنسيته بدلاً من مهاراته. كشفت إحدى الدراسات التي أجرتها شركة "راكونتير" (Raconteur) أن نحو 24% من طالبي العمل من أصل بريطاني تلقوا ردوداً إيجابية من أصحاب العمل، مقارنة بـ 15% فقط من المتقدمين من الأقليات العرقية ممن لديهم سير ذاتية تطابق تماماً السير الذاتية لطالبي العمل من أصل بريطاني. تنتشر أيضاً التحيّزات القائمة على الجنس في العديد من الأدوار الوظيفية التي تجذب أحد الجنسين أكثر من الآخر، على سبيل المثال من يعمل في مجال التمريض يجب أن يكون امرأة، وأن من يعمل في مجال الهندسة يجب أن يكون رجلاً.  قد تؤثر القوالب النمطية التقليدية على خيارات الرجال والنساء في مجال العمل، ولكن يتعيّن على المديرين الإعلان عن الصفات والخصائص المطلوبة للوظائف واختيار المرشحين وفقاً لذلك، وإدراك مدى سهولة ظهور التحيّزات بين الجنسين.

في بعض الحالات الشديدة، يمكن أن يؤدي التحيّز القوي من أي نوع إلى التنمّر في مكان العمل أو المضايقة غير القانونية أو التمييز، مما يعرض الشركات لخطر الإضرار بسمعتها بالإضافة إلى التكاليف المالية المترتبة مع تفاقم الانتهاكات والمشكلات.

مواجهة التحيّز اللاواعي وتعزيز ثقافة التنوع

ليس من السهل معالجة التحيّزات الضمنية لأنها بطبيعتها لا شعورية وقد يكون من الصعب التعرّف عليها وقبولها. ومع ذلك، لابد من تعزيز ثقافة احترام الآخرين لتشجيع حرية التعبير عن أفكار متنوعة تؤدي إلى قدر أكبر من الإبداع والابتكار، وهذا مهم جداً في سياق العمل.

مواجهة التحيّز اللاواعي وتعزيز ثقافة التنوع

ليس من السهل معالجة التحيّزات الضمنية لأنها بطبيعتها لا شعورية وقد يكون من الصعب التعرّف عليها وقبولها. ومع ذلك، لابد من تعزيز ثقافة احترام الآخرين لتشجيع حرية التعبير عن أفكار متنوعة تؤدي إلى قدر أكبر من الإبداع والابتكار، وهذا مهم جداً في سياق العمل.  ولمواجهة التحيّز اللاواعي في مكان العمل، ينبغي مراعاة ما يلي؛

-توعية وتثقيف الموظفين حول أنواع التحيّز اللاواعي والعواقب السلبية التي يمكن أن تنشأ عن السماح لمثل هذا السلوك بأن يصبح أمراً طبيعياً؛

-يجب على الموظفين مراقبة بعضهم البعض لاكتشاف التحيّزات اللاواعية لديهم وإعادة النظر في التعليقات أو الملاحظات حول الصور النمطية الثقافية أو الجنسانية؛

-إعادة النظر في الأساس المنطقي وراء القرار الأولي لتحديد ما إذا كانت جميع الحقائق قد تم النظر فيها أو ما إذا كانت التحيّزات هي العنصر المؤثر في الخفاء؛

-التأني في عملية اتخاذ القرار لتقليل احتمالية اتخاذ قرار سريع؛ و

-إنشاء لجنة معنية بتعزيز ثقافة التنوع والشمولية لتأسيس العمليات والحفاظ عليها وفرض السلوكيات الثقافية التي تتوافق مع أهداف التنوع للشركة.

قالت لاسانا هاريس، عالمة أعصاب تدرس التحيّز والتعلّم الاجتماعي في كلية لندن الجامعية (UCL)، إن مفهوم التحيّز اللاواعي ليس عذراً يعفي الناس من السلوك التمييزي، ولكن "إذا كنت على دراية بهذه التحيّزات، يمكنك توظيف ذكائك وجميع مهاراتك الضرورية لترى أنه من الخطأ التفكير بهذه الطريقة".

منع التحيّز اللاواعي في أماكن العمل أمر بالغ الأهمية ولا يجب التغاضي عنه، إذ قد تؤدي إلى أحكام غير عادلة وغير دقيقة، أو مواهب تم تجاهلها، أو في أسوأ الأحوال يؤدي إلى التمييز.

 

ترجمة بيتنا أونلاين؛ المقال مترجم من  https://bit.ly/3bLjze0

مساحة إعلانية