المجتمع المدني صوت الثورة السورية

بقلم الزميلة عليا أحمد مسؤولة برامج ميدانية


تاريخ النشر 2024-03-17

عدد المشاهدات 108

أقل من دقيقة للقراءة

المجتمع المدني صوت الثورة السورية

المجتمع المدني صوت الثورة السورية

بقلم زميلتنا عليا أحمد مسؤولة برامج ميدانية 

في العصر الحديث، بدأت المجتمعات المدنية تنشأ وتتطور بشكل أكبر خلال القرون الأخيرة، خاصةً مع ظهور الديمقراطية والحريات الفردية والحقوق المدنية. وازدادت أهمية المجتمع المدني في القرن الثامن عشر والتاسع عشر، حيث بدأت الحركات الاجتماعية والسياسية والإصلاحية تنشأ وتنمو.

من أوائل الدول التي بدأت فيها المجتمعات المدنية بالعمل بشكل مؤسسي، يمكن ذكر بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة، في هذه الدول شهدت الفترة الحديثة ظهور منظمات غير حكومية وجمعيات مدنية تعمل على مختلف القضايا الاجتماعية والسياسية والبيئية. ومن هذه المنظمات جمعيات حقوق الإنسان ومنظمات الإغاثة والتنمية والبيئية.

أما في سوريا، بدأ المجتمع المدني بالتشكل على هيئة فرق تطوعية ومكاتب لحقوق الإنسان في سوريا عام 2003، لكن سرعان ما تم إخماد صوت المجتمع المدني من قبل نظام الأسد. 

ومع بداية اندلاع الثورة السورية في 2011، عاد المجتمع المدني في سوريا للعمل والتشكل من جديد وبشكل أقوى، خلال هذه الفترة بدأت المنظمات غير الحكومية والمجموعات النشطة في المجتمع المدني بالظهور والتنشيط في مختلف المجالات مثل حقوق الإنسان، والتنمية الاجتماعية والاقتصادية، والعمل الإنساني، والتعليم، والبيئة. ومع تصاعد الصراعات والتحولات في سوريا زاد دور المجتمع المدني في تقديم الدعم للمتضررين والمحتاجين وفي العمل على تعزيز التغيير الاجتماعي والسياسي.

إن انطلاق الثورة السورية مكَّن المجتمع المدني من إعادة تشكيل نفسه عبر تنسيقيات الثورة السورية في المدن والقرى والبلدات، ليكون بتلك الفترة صوت الثائرين والثائرات، فالمجتمع المدني هو الصوت الحر للمجتمع المعبر عن الاحتياجات الأساسية والمطالب المحقة للمجتمع.

وتعتبر الطرق السلمية هي محور عمل المجتمع المدني، فهو يعمل على تحقيق مطالب المجتمع من خلال أدواته السلمية، حيث يقوم بالتنظيم والحشد والمناصرة للتظاهرات السلمية، بالإضافة للدعوة للإضرابات لتحقيق مطالب الشعب، كما يقوم المجتمع المدني بإصدار البيانات بخصوص الأحداث الاجتماعية والسياسية.

تكمن أهمية المجتمع المدني بأنه يستخدم أدواته السلمية لتحقيق مطالب الشعب بشكل هادف ومنظم بعيداً عن استخدام القوة التي ينحصر استخدامها من قبل السلطة.

تنوع دور المجتمع المدني في الثورة السورية، حيث لعب دوراً بتنظيم الاحتجاجات والتظاهرات، وتوفير الدعم اللوجستي والمالي للمتظاهرين، وتقديم الدعم النفسي والقانوني للضحايا، وإعلام الرأي العام بالظروف والمطالب المرتبطة بالثورة، وتقديم الخدمات الضرورية للمجتمع، والعمل على بناء الحوار بين جميع الأطراف لتحقيق التغيير المطلوب، بالتالي كان له دور مهم وأساسي على المستويات التالية:

1. توعية وتثقيف الناس: يعمل المجتمع المدني على نشر الوعي بالقضايا السياسية والاجتماعية والاقتصادية المتعلقة بالثورة السورية، ويساهم في تثقيف الناس حول حقوقهم والمطالب التي يجب الدفاع عنها.

2. تنظيم الفعاليات والمظاهرات: يساهم المجتمع المدني في تنظيم الفعاليات والمظاهرات السلمية التي تعبر عن مطالب الثورة السورية وتدعمها، وذلك من خلال التنسيق مع النشطاء والمنظمات الحقوقية.

3. الضغط السياسي: يعمل المجتمع المدني على ممارسة الضغط السياسي من خلال التواصل مع المجتمع الدولي والمنظمات الدولية لدعم الثورة السورية والضغط على النظام السوري لتحقيق المطالب الشعبية.

4. المراقبة والتوثيق: يقوم المجتمع المدني بدور مهم في مراقبة انتهاكات حقوق الإنسان وجرائم الحرب في سوريا، ويقوم بتوثيق هذه الانتهاكات ونقلها إلى المنظمات الحقوقية الدولية للتحقيق واتخاذ الإجراءات اللازمة.

بالتالي يعتبر المجتمع المدني في سوريا هو الحامل الأساسي لمبادئ وأفكار الثورة حيث أخذ على عاتقه نقل هذه الأفكار والمبادئ لمختلف فئات المجتمع لتحقيق مبادئ الثورة وأهدافها.

لكن وعلى الرغم من تحقيق بعض الإنجازات والتقدم في مجالات معينة، إلا أن نجاح المجتمع المدني في تحقيق أهداف الثورة السورية لم يكن بالشكل المطلوب نظراً للتحديات الكبيرة التي واجهها، بما في ذلك:

  1. القمع والاضطهاد: مواجهة التضييق والقمع الذي تعرض له أعضاء المجتمع المدني من قبل النظام السوري والجهات المسلحة الأخرى.
  2.  تقسيمات المعارضة: انقسام المعارضة السورية وتشتت جهود المجتمع المدني، مما أثر سلباً على قدرته على تحقيق أهداف الثورة بشكل موحد.
  3.  تدخلات خارجية: تدخلات الدول الأجنبية والتحالفات الإقليمية في الصراع السوري قد أضعفت قدرة المجتمع المدني على التأثير وتحقيق أهداف الثورة بشكل مستقل.
  4.  التحديات الإنسانية: التحديات الإنسانية المتزايدة بسبب الحرب، مما جعل توجيه الجهود والموارد للعمل الإنساني والإغاثي أولوية على حساب التحقيق السياسي.

على الرغم من التحديات الكبيرة التي تواجه المجتمع المدني في سوريا، إلا أن هناك أملاً قوياً في قدرته على المضي قدماً نحو تحقيق تلك الأهداف، فالمجتمع المدني يعتبر حجر الزاوية في النضال من أجل الحرية والعدالة وحقوق الإنسان ويمثل صوت الثورة السورية الذي لا ينقطع. فمن خلال استمرار النشاطات السلمية، وتوجيه الجهود نحو التوعية والتثقيف، وتنظيم الفعاليات الاحتجاجية بشكل موحد ومنظم، يمكن للمجتمع المدني أن يلعب دوراً فعالاً في تحقيق الأهداف التي دافع عنها السوريون في الثورة.

وفي الختام، يجسد المجتمع المدني في سوريا محركاً أساسياً للتغيير والتحول نحو مجتمع أكثر عدالة وتنمية مستدامة، كما يمكن للمجتمع المدني أن يحقق نجاحات كبيرة في مختلف المجالات بالتصميم والإصرار من أجل بناء سوريا التعددية الموحدة، ملهماً للآخرين ودافعاً للتغيير الإيجابي.
 

مساحة إعلانية