هل يمكن للذكاء الاصطناعي أن يكون ذو منفعة للديمقراطية؟

بيتنا أونلاين


تاريخ النشر 2024-04-5

عدد المشاهدات 43

أقل من دقيقة للقراءة

هل يمكن للذكاء الاصطناعي أن يكون ذو منفعة للديمقراطية؟

هل يمكن للذكاء الاصطناعي أن يكون ذو منفعة للديمقراطية؟

لقد بلغ القلق بشأن تدمير الذكاء الاصطناعي للانتخابات وتهديد الديمقراطية ذروته!

 

يشهد كل أسبوع مجموعة جديدة من التحذيرات حول التأثير المحتمل للتزييف العميق الناتج عن الذكاء الاصطناعي – مقاطع فيديو وتسجيلات صوتية واقعية لسياسيين يقولون أشياء لم يقولوها أبداً – ما يؤدي إلى نشر الارتباك وانعدام الثقة بين جمهور الناخبين.

وفي المملكة المتحدة، تكافح الهيئات التنظيمية، والأجهزة الأمنية والحكومة لحماية الانتخابات العامة هذا العام من التدخل الخارجي الخبيث. ولذلك تم إيلاء اهتمام أقل للفوائد المحتملة للذكاء الاصطناعي. لكن، هناك الكثير من العمل الجاري، غالباً تحت الرادار، لمحاولة تسخير قوته على النحو الذي قد يؤدي إلى تعزيز الديمقراطية بدلاً من تدميرها.

وتقول هانا أورورك، المؤسسة المشاركة لكامبين لاب، وهي شبكة ذات توجهات يسارية من المتطوعين في مجال التكنولوجيا: "بينما تشكل هذه التكنولوجيا بعض المخاطر المهمة فيما يتعلق بالتضليل، فإنها توفر أيضاً بعض الفرص المهمة للحملات، التي لا يمكننا تجاهلها". "بشكل مشابه لكل التكنولوجيا، ما يهم هو كيفية تطبيق الذكاء الاصطناعي فعلياً". "سيكون تأثيره محسوساً في الطريقة التي يستخدمه بها الناشطون فعلياً".

ميل مثير للقلق

 

من بين أمور أخرى، تدير شبكة كامبين لاب دورات تدريبية لنشطاء حزب العمال والحزب الديمقراطي الليبرالي حول كيفية استخدام برمجية شات جي بي تي (محول الدردشة المُدرب مسبقاً) لإنشاء المسودة الأولى للنشرات الانتخابية. حيث تقوم الشبكة بتذكيرهم بتحرير المنتج النهائي بعناية، نظراً لأن نماذج اللغات الكبيرة (إل إل إم) مثل برمجية شات جي بي تي لديها ميل مثير للقلق إلى "الهذيان" أو اختلاق الأشياء. كما تقوم المجموعة بتجربة برامج الدردشة الآلية للمساعدة في تدريب القائمين على جمع الأصوات لإجراء محادثات أكثر جاذبية على عتبة أبواب المنازل.

تقول السيدة أورورك إن الذكاء الاصطناعي مضمن في كثيرٍ من البرامج ذات الاستخدامات اليومية، من مايكروسوفت أوتلوك إلى أدوبي فوتوشوب، فلماذا لا نستخدمه بطريقة مسؤولة لإتاحة الوقت لمزيد من اللقاءات وجهاً لوجه؟

"المعلومات الخاطئة التي يولدها الذكاء الاصطناعي لا تنجح ببساطة عندما يكون لدى السياسيين علاقات مناسبة مع الناخبين والمجتمعات التي يمثلونها، وعندما يوفون فعلياً بما يعدون به". "إذ لا يمكنك تزييف أن الحديقة المحلية التي يمر بها شخص ما كل يوم قد تم تنظيفها، تماماً كما لا يمكنك تزييف محادثة على عتبة الباب".

خبير الذكاء الاصطناعي الداعم للمحافظين، جو ريف، ناشط سياسي شاب آخر مقتنع بأن التكنولوجيا الجديدة يمكن أن تغير الأمور نحو الأفضل. ويدير فيوتشر لندن، مجتمع من "المتفائلين بالتكنولوجيا" الذين يستخدمون الذكاء الاصطناعي للبحث عن إجابات لأسئلة كبيرة مثل "لماذا لا أستطيع شراء منزل؟" والأهم من ذلك، "أين الخادم الآلي الخاص بي؟"

في عام 2020، أسس السيد ريف مجموعة توري تيكس، جزئياً، كرد فعل باتجاه يميني على شبكة كامبين لاب.

ويقول ريف إن المجموعة أجرت جلسات برمجة واستكشفت كيفية استخدام الذكاء الاصطناعي لصقل رسائل حملة حزب المحافظين، لكنها "تركز الآن في الغالب على التحدث مع النواب في أماكن أكثر خصوصية وأماناً للمساعدة في تدريب السياسيين على ما يعنيه الذكاء الاصطناعي وكيف يمكن أن يكون قوة إيجابية".

ويخبر بي بي سي نيوز: "لدى التكنولوجيا فرصة لجعل العالم أفضل بكثير بالنسبة لكثير من الناس، وذلك بغض النظر عن السياسة".

مفهوم جديد

لقد شهدت المملكة المتحدة بالفعل أول مرشح انتخابي – وربما الأول في العالم – مدعوم بالذكاء الاصطناعي. لقد تم رفض أندرو جراي بشدة من قبل الناخبين في الانتخابات الفرعية لدائرة سيلبي وأينستي الانتخابية التي جرت في تموز، حيث حصل على 99 صوتاً فقط. لقد كانت تجربة مؤلمة بالنسبة للمحامي السابق، الذي ترشح كمرشح مستقل "بدعم من الذكاء الاصطناعي"، على أمل إحداث زلزال سياسي. لكن الناخبين في دائرة شمال يوركشاير الريفية لم يكونوا مستعدين لمثل هذا المفهوم "الجديد"، كما يقول، وكثيراً ما كانوا في حيرة من أمرهم بسببه. "عندما راسلني الناخبون، كانوا غالباً يعتقدون أنني روبوت".

استندت حملة السيد جراي إلى بوليس، وهي أداة مدعومة بالذكاء الاصطناعي تسمح للمجموعات ذات الآراء المختلفة على نطاق واسع بالتوصل إلى إجماع عبر التصويت والمناقشة. ظهرت أداة بوليس لأول مرة على الرادار السياسي عندما استخدمته حكومة تايوان لتسوية المسائل المثيرة للجدل، مثل شرعية الدراجات البخارية الإلكترونية. واستخدمها السيد جراي لجمع "بيان شعبي" لدائرة سيلبي وأينستي الانتخابية وخطط لاستخدامه للتشاور مع الناخبين حول طريقة التصويت في مجلس العموم. هو لا يزال مؤمناً بقوة أداة بوليس في سد الانقسامات السياسية وجمع الناس معاً، لكنه يقول إنها قد تكون أكثر ملاءمة لحل الخلافات المحلية، بدلاً من معالجة القضايا الوطنية الكبرى في وستمنستر، على الأقل في الوقت الحالي.

كما ساعدت منظمة السيد جراي غير الهادفة للربح، كراود ويزدوم بروجيكت، المجالس المحلية، مثل واندسوورث، في جنوب لندن، التي عقدت في العام الماضي على مشاورة حول الهواء النظيف، باستخدام أداة بوليس، لصياغة السياسات. سيقول النقاد إن أداة بوليس وغيرها من برامج صنع القرار المدعومة بالذكاء الاصطناعي التي يتم تسويقها للسلطات المحلية لا تزال مفتوحة للتلاعب بها لتحقيق النتائج التي يريدها السياسيون، مثل تمارين التشاور الزائفة التي أحبها جيل سابق من القادة. لكن القوة المطلقة لتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي ــ وقدرتها على معالجة كميات هائلة من البيانات ــ تَعِد بتقديم رؤى أعمق كثيراً حول ما يفكر فيه الناخبون والهيئات ويشعرون به.

استطلاعات الرأي الاصطناعية

يقول جو تويمان، المؤسس المشارك لشركة دلتابول لاستطلاعات الرأي، إن استطلاعات "الانحدار" المتطورة – من النوع الذي أنتجته شركة يوجوف مؤخراً للتنبؤ بأغلبية ساحقة في الانتخابات العامة لحزب العمال – لم تكن ممكنة إلا من خلال الذكاء الاصطناعي. حيث يتراوح متوسط استطلاع الانحدار بين 6 آلاف و10 آلاف مشارك، وفقاً لمجلس استطلاعات الرأي البريطاني. كذلك، تعمل شركة دلتابول مع شركة بومبي الناشئة في مجال التكنولوجيا، والتي تستخدم الذكاء الاصطناعي لتحليل بيانات الاقتراع المجمعة من عينات أصغر. لكن السيد تويمان سارع إلى رفض فكرة إمكانية استخدام نماذج اللغات الكبيرة في محاكاة الناخبين.

في عام 2022، ادعى باحثون أمريكيون أن النتائج لا يمكن تمييزها عن نتائج البشر الحقيقيين الذين استجابوا لاستطلاع الرأي.

إلا أن السيد تويمان يقول إن الناس أكثر تعقيداً ولا يمكن التنبؤ بهم من الآلات المدربة على البيانات الموجودة و"الاستطلاعات الاصطناعية" التي "لا قيمة لها". رغم أنه يعترف بأنه من المستحيل أن نعرف بالضبط أي من العدد المتزايد من أدوات الذكاء الاصطناعي التي يتم تقديمها للحملات السياسية سوف تنتشر. 

إحداث الفوضى

يقول السيد تويمان: "سيكون بعضها قوياً بشكل لا يصدق، وبعضها سيكون محض هراء يروج له بائعون مخادعون يستغلون التكنولوجيا المقبلة، وستكون هناك بعض الأشياء التي لن نسمع عنها أبداً والتي يمكن أن تحدث فرقاً كبيراً".

يشعر أكثر المتفائلين في مجال التكنولوجيا بالقلق من احتمالية تسبب المعلومات المضللة المدعومة بالذكاء الاصطناعي في إحداث الفوضى في الانتخابات، خاصة وأن عام 2024 سيشهد توجه ما يقدر بنحو 49 في المئة من سكان العالم إلى صناديق الاقتراع.

وقد تبدو الفوائد التي تعود على الديمقراطية من هذه التكنولوجيا القوية سريعة التطور هامشية، عندما تقارن بالضرر الذي يمكن أن تحدثه. لكن، لا يمكن لأحد أن يتنبأ كيف ستسير الأمور – الأمر الوحيد المؤكد هو أن الذكاء الاصطناعي موجود ليبقى وأن السياسة لن تعود كما كانت أبداً.

ترجمة بيتنا أونلاين؛ المقال مترجم من bbc.in/4aKL6Wj

مساحة إعلانية